| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 8/1/ 2010

 

قضية بلاك وترز تكشف عن جهل صانع القرار السياسي لما يدور حوله
 

سعد العميدي

ما نواجهه في العراق بعد سقوط الدكتاتورية نتيجة الغزو العسكري الأمريكي لبلادنا و إحتلالها بشكل مباشر , هو التخبط و الجهل لدى صانع القرار السياسي و محاولات إعادة حكومة الحزب الواحد و التلاعب بعقول و مشاعر المواطنين في إستغلال واضح لجهل المواطن بما يحاك له و غياب الوعي السياسي لدى الغالبية العظمى مما يجعل تمرير الأكاذيب و ترويجها و تصويرها على أنها حقائق عملية سهلة و مستساغة لدى السياسي العراقي الباحث عن المصالح الشخصية الأنانية و كذلك تمرير الأجندات الحزبية على حساب الوطن و المواطن.

و قد كشف الاحتلال الايراني لأبار النفط العراقية و تجاوزاته و اعتداءاته المتكررة على قواتنا المسلحة و الصيادين في شط العرب و كذلك مطالبتها بميناء خور العمية بأن المواقف السياسية سواء الحكومية منها أو غير الحكومية كانت متباينة و متضاربة الى حد بعيد تبعا لقرب هذه القوى و الأطراف من إيران أو التبعية العرقية لبعض المسؤلين, مما سهل لإيران و سيسهل لها مستقبلا تمرير سياساتها و أجندتها التوسعية بالتعاون مع القوى و التيارات الخاضعة لها و تأتمر لها.
وقد كشفت أزمة الفكة عن غياب الموقف الوطني المسؤول و ظهور تيارين سياسيين لا يمثلان مصالح العراق و لا يدافعان عنها و هما :
- تيار بعثي متآلف مع قوى اسلامية متطرفة يسعى الى دفع البلاد نحو حافة الحرب مع ايران القوية المسلحة تسليحا جيدا فيما القوات المسلحة العراقية مفككة و منهكة نتيجة الأعمال الإرهابية و نتيجة تشكيلها على أسس غير وطنية و تغلغل الآلاف من الميليشيات المرتبطة بإيران الى صفوفها و تسنم مناصب قيادية في تشكيلاتها.
- التيار الثاني و هو الذي يمثله ذوي الأصول الإيرانية المتغلغلين في كافة مفاصل الدولة العراقية يساعدهم في ذلك الأحزاب والقوى والشخصيات التي ارتبطت بايران أيام المعارضة و لازالت تعول عليها بدل التعويل على الشعب العراقي و الدفاع عن مصالحه.

هذا التيار و بسبب خوفه و رهبته من فقدان السلطة نتيجة التخبط السياسي و النهب و السلب العلني و تبذير موارد العراق الإقتصادية , تراه يدير ظهره للوطن و الشعب مفضلا عدم المساس بمصالح طهران في بلادنا كي يحصل على الحظوة لدى جلادي طهران في حال حدوث أية تداعيات قد تؤدي الى تدهور الوضع السياسي و حصول تناحر بين مختلف القوى العراقية.

بين هذين التيارين البعيدين كل البعد عن مصالح شعبنا لم يظهر موقف وطني واضح رغم بعض البيانات التي صدرت هنا و هناك فيما غاب التنسيق بين القوى والتيارات الديمقراطية و اليسارية من أجل الخروج بموقف موحد ليس فقط من الإعتداءات الايرانية المتكررة على بلادنا بل أيضا من مجمل ما يحدث في بلدنا و كذلك الموقف من الاحتلال الأمريكي و التوصل الى برنامج سياسي متكامل للخروج بالبلاد من أزمتها.

و عودا على بدء فإن الاحتلال الاجنبي للعراق هو الذي سمح لايران و أنصارها بالتغلغل الى جسد الدولة العراقية و هو الذي حول العراق الى مرتع للمرتزقة والشركات الأمنية المتعاونة مع جهاز المخابرات الامريكي السي آي أي كما هو الحال مع شركة بلاك وترز.
و اصبح العراق رهينة بيد عصابات القتل و الاغتصاب الامريكية و على مرأى و مسمع من حكامنا و المسؤولين الكبار و ثمن الصمت هو الاحتفاظ بالمناصب.

و قبل أن تمارس بلاك وترز عمليات القتل العشوائي ضد المواطنين الأبرياء العزل , كانت المواخير الامريكية في المنطقة الخضراء و اغتصاب القصر تجري على قدم و ساق بدعم حكومي مباشر بعد نصبت الادارة أمريكية من أصول إيرانية لفتح بيوت في المنطقة لاستقبال النساء العراقيات سرعان ما تحولت هذه البيوت الى مقاصف و مواخير يقضي فيها جنود الإحتلال و المرتزقة أوقات المتعة.

و تعود حادثة ساحة النسور الى عام 2007 حيث قام حراس أحد الدبلوماسيين الأمريكيين من شركة بلاك وترز باطلاق الرصاص على المارة الأبرياء وقتل ١٧ منهم. و لا تقتصر هذه الجرائم على قتل الأبرياء فحسب و إنما بدأت تظهر تفاصيل مروعة عن عمليات إغتصاب قام بها عناصر بلاك وترز فقد كشف تقرير أمريكي عن فضائح جديدة ارتكبتها عناصر شركة خدمات الأمن الخاصة الأمريكية "بلاك ووتر" ضد نساء عراقيات.ونقلت إذاعة "شبكة الإعلام القومي" الأمريكية عن اثنين من العاملين السابقين في "بلاك ووتر" القول فى اعترافاتهما أمام المحكمة الفيدرالية أن الشركة استغلت عراقيات لم يبلغن سن الرشد في ممارسة الجنس في مجمعها بالمنطقة الخضراء المحصنة ببغداد. وأضافا أن قاصرات عراقيات مارسن الجنس مع أعضاء من "بلاك ووتر" مقابل دولار واحد وأن أريك برنس صاحب الشركة كان يعلم بذلك. وتضمنت التهم الأخرى الموجهة ضد الشركة تهريب الأسلحة وتبييض الأموال والتهرب من دفع الضرائب.

لكن الذي حصل في جريمة ساحة النسور هو قيام القضاء الأمريكي بتبرئة حراس بلاك وترز و هو الأمر الذي أثار حفيظة و حنق رئيس الوزراء العراقي المتجه نحو إنتخابات برلمانية و الطامح الى الأستمرار في منصبة لدورة جديدة.

لكن هل بنيت ردود الأفعال هذه على حقائق ووقائع من مجريات القضية أم هي محاولة لإستغلال كل شاردة واردة في مجرى الصراع على السلطة و محاولة غير موفقة لاستغلال مشاعر الناس اعتمادا على حقيقة أن العراقي لم يعد يكترث بما يقوله الحاكم و هو المنشغل في الصراع اليومي لتوفير لقمة العيش و تجنب المفخخات و القنابل اللاصقة أو المقرات الحزبية التي تحولت الى أوكار أمنية و مراكز لتصفية المعارضين , و اذا استطاع العراقي أن يتخلص من كل هذه الكمائن فإن المسدس الكاتم يترصد المعارضين سواء للحكومة أو للأطراف الحاكمة.

ووجدنا السيد الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية يتحدث عن سعي الحكومة العراقية الى مقاضاة بلاك وترز و هو الذي لم تثر حفيظته عندما قامت جارة السوء إيران بإحتلال الفكة. و موقفه جاء متناسقا مع موقف السيد رئيس الوزراء و الهدف هو المزايدة الرخيصة ليس إلا. فالوقائع على الأرض تثبت أن تسوية قد حدثت بين عوائل ضحايا ساحة النسور و شركة بلاك ووترز دفعت على إثرها تعويضات مادية لعوائل الضحايا و هذا ما صرحت به سوزان بورك المحامية الأميركية للمدّعين العراقيين حيث قالت إنها طلبت في وقتٍ متأخرٍ الأربعاء من محكمة فدرالية في الولايات المتحدة إسقاط الدعاوى المرفوعة ضد الشركة الأمنية الأميركية الخاصة بعد التوصل إلى تسويةٍ مع أُسَر الضحايا في حادثة ساحة النسور في بغداد التي أسفرت في عام 2007 عن مقتل سبعة عشر مدنياً عراقياً وأدت إلى توتر العلاقات بين بغداد وواشنطن.

لكن وكالة أسوشييتد برس للأنباء التي بثّت تقريرها من مدينة رالي بولاية نورث كارولاينا أشارت إلى أن المحامية بورك لم ترد على الفور الخميس على اتصالاتٍ هاتفية لتوضيح هذا التطور.

أما الشركة الأمنية الأميركية الخاصة التي تُعرف الآن باسم (أكس إي سرفيسز) فقد أصدرت بياناً أعربت فيه عن ارتياحها للتسوية التي استغرق التوصل إليها عدة شهور. وأضاف البيان أن التسوية "ستُمكّن الإدارة الجديدة لـ (أكس إي سرفيسز) من مواصلة أعمال الشركة متحررةً من أعباء التكاليف والإرباك بسبب الإجراءات القضائية المستمرة إضافةً إلى دفع بعض التعويضات للعوائل العراقية"، بحسب تعبيره.

من جهته، قال حسن جابر، وهو محامٍ عراقي أصيب بجروح خلال حادثة ساحة النسور، إن جميع أُسر الضحايا والجرحى وافقوا على التسوية واجتمعوا مع محامين في أحد فنادق بغداد قبل نحو أسبوع. ووصف التسوية بأنها "انتصار" على الشركة الأمنية الأميركية الخاصة، بحسب ما نقلت عنه أسوشييتد برس.

من هنا يتبين لنا بأن الحكومة العراقية لا تعلم بما يدور و هي تتخبط في مواقفها محاولة استثمار كل شيئ في مجرى التنافس الإنتخابي المحموم بينها و بين خصومها و تبين هذه القضية عدم ثقة الضحايا بقدرة الحكومة العراقية على استرجاع حقوقهم و الدفاع عنها.

و الأهم من كل هذا و ذاك هو أن الحكومة كانت تغط في نوم عميق مهملة هذه القضية المهمة و عدم قيامها برفع دعاوى قضائية ضد القتلة المأجورين في حينه و لم يظهر لنا متحدث رسمي أو غير رسمي يهدد برفع دعوى قضائية ضد الجناة, لكن عندما تناهى الى مسامعها ما آلت اليه تلك القضية حاولت ذر الرماد في العيون و الظهور بمظهر المدافع الأمين عن مصالح العراقيين , هذا من دون أن تتعب نفسها و تتحقق من الأمر لمعرفة خلفياته و دوافعه.




 



 

free web counter

 

أرشيف المقالات