| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                     الأربعاء  8 / 1 / 2014

 

غارودي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان

مجيد الأسدي

يطرح الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي في كتابه الموسوم (أمريكا طليعة الإنحطاط) بديلا عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إذ يرى في المؤسسين لهذا الإعلان أنهم تركوا(لمن يملكون) كامل الحرية لاستخدام واستغلال الجماهير المحرومة وهذا البديل يدعو (كل انسان) وكل البشر الى تحمل مسؤولياتهم انطلاقا من الطبيعة بفطرية انسانية الإنسان . يفرق (الإعلان العالمي للواجبات) كما اقترحه الفيلسوف بين الإنسان والكائنات الأخرى إذ ان هذا الإنسان يمتلك تاريخا وهو (مسكون) - واعيا بذلك ام غير واع - بكل أعمال الخلق السابقة في الثقافة الإنسانية وعليه واجب اغناء هذا التراث عن طريق المشاركة الخلاقة .ان كل الأفكار وكل الأعمال تمتلك قيمتها الإنسانية من اعطاء كل الوسائل الاقتصادية والسياسية والثقافية والروحية لتطوير امكانيات البشر الخلاقة (ولا يمكن لأي تنظيم اجتماعي أن يكون انسانيا اذا كان له هدف غير هذا).ان كل انسان يتمتع بسلطة –مهما كانت هذه السلطة-يجب أن يكون هدفه مصلحة مجتمعه دون ان يؤدي العمل الخارجي لهذا المجتمع الى الإضرار بالمجتمعات الأخرى وهو هنا يلمح الى امريكا ودورها الأخطبوطي في الهيمنة على خيرات العالم فاذا كان هذا الإنسان يتمتع-مثلا-بسلطة دينية فلا يجب ان تصل هذه السلطة الى درجة الضغط او عزل اية فئة سواء اكانت دينية أم غير دينية اما ممارسو السلطات العليا فواجبهم السهر على مصالح شعوبهم دون خلق امتيازات خاصة بهم .

ان الملكية والثروة - يقول غارودي - هي نتاج أجيال متعاقبة منذ آلاف السنين ..تلك الأجيال التي أبتدعت أنواع الزراعة وتقنيات الصناعة والتبادل ,كذلك العلوم والفنون , ولذلك يجب استثمارها في خدمة الأنسانية جمعاء. لذلك يجب على المجتمع أن يجرد صاحب الثروة من ثروته اذا اساء استعمالها ولم يؤد واجباته تجاه الآخرين. علينا ألا نعتبر الطبيعة مستودعا لثروات لا حدود لها لإرضاء شهواتنا الحاضرة ولا مجمع قمامة لنفاياتنا , اذ انها لا تعود لمليارات البشر الأموات الذين اخصبوها , بل أيضا لمليارات من البشر الذين لم يولدوا بعد.."وعلينا واجب أن نجعلها أكثر خصبا واكثر جمالا مما تلقيناها من الأسلاف".ولا تعني الحرية أن يكون الإنسان عبدا لمصالحه الشخصية أو أسير اهداف خاصة بالجماعة التي ينتمي اليها كما هو الحال في الغرب حيث ينظر الى الفرد على انه "مركز ومقياس" كل الأشياء ومنفصل عن افراد الأمم الأخرى بحاجز حقوق مرسوم بدقة . بالعكس - يقول غارودي - " نحن نرى ان الكائن البشري يعي واجباته أي انه مسؤول قضائيا عن مصير الآخرين "ولن تستطيع أية قوة مادية مهما بلغ عتوها أن تنتصر على جماعة يوحدها الوعي الجماعي لواجباتها الأنسانية ..وها هو التاريخ يضحك بسخرية من التفكك النهائي لكل الإمبراطوريات ! على كل انسان فوق كوكبنا هذا أن يسأل نفسه عن مغزى عمله الذي يؤديه..هل يخدم ازدهار الأنسان .أي انسان.. أم يؤدي الى انحطاطه ودماره.ومن هذه الأعمال مثلا:
1- التسليح والمخدرات رغم اعطائها مردودا ماديا عاليا.
2- إقامة أجهزة تستفيد منها سلطة أكبر للتلاعب بالأفكار عن طريق وسائل الإعلام والتربية والدين والفنون.

ينهي فيلسوفنا برنامجه هذا بهذه الفقرة العظيمة :
يمكن ارجاع كل هذه الواجبات الى واجب واحد برز من خلال أقدم الروحانيات في تاريخنا ,عندما امتلك الإنسان وعيا كاملا لإنسانيته أي خصوصيته بالنسبة الى كل الأنواع الحيوانية , فالطبيعة لا تستبعد الصراع حتى الموت بين الأنواع المختلفة ولإهلاك مليارات المخلوقات , وهي بالتالي لا تستطيع أن تزودنا بقوانين تتعلق بالعمل الإنساني خاصة أن (واجبنا) هو الفرد الذي تتولد منه كل الواجبات ,يأخذ صيغته الأساسية الواعية , والأنسانية أبدا..





 

free web counter

 

أرشيف المقالات