|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  9  / 6 / 2021                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

وجهات في النظر

عطا عباس
(موقع الناس)

حول الاحتجاج والأنتفاض مرة أخرى

لا يبدو أن موجة الاحتجاجات الشعبية ستنهتي ، كما يأمل الحاكمون .
ومن نافل القول التأكيد بأن ديمومتها رهينة ببقاء ذات الأسباب العميقة التي أدت الى أنطلاقها أساسا .
لكن ما يلاحظ أن وتيرتها تتصاعد وتتراجع بين الفينة والاخرى تبعا لمجموعة عوامل متنوعة ، قد تبدو أحيانا مرتبطة بحدث آني يعيدها بقوة الى الواجهة السياسية .

وإن كانت الأحتجاجات تلك ، ومنذ البدء وحتى لحظة تفجرها على نطاق واسع مطلع شباط ٢٠١١ ، قد أفتقدت الى حد كبير الى أطار تنظيمي أو تنسيقي جامع لها ، فأن تطورها الذي أفضى الى أنتفاضة
تشرين ٢٠١٩ قد أشر الى وجود رغبة أو أدراكا عاما بأهمية التنظيم وضرورته ، ناهيك عن بروز بعض الوجوه الشبابية المعبرة ، بهذا الشكل او ذاك ، عن روح الانتفاضة وتوقها للخلاص من وضع سياسي وأقتصادي لم يعد مقبولا .

وعلى هذا الطريق تعددت التنسيقات والتنظيمات في مختلف المدن الرئيسة للأحتجاج والانتفاض ، وإن كانت تفتقد للكثير من المقومات الأساسية لأستمرارها الفعال .

وما يلاحظ هنا ، أن " بغداد - المركز " لم تعد بالضرورة هي المبادرة في هذه النقطة الاساسية ، رغم كون احتجاجاتها هي الأكثر سعة للأن ، بحكم العدد السكاني اولا و" موجات " القادمين اليها من المنتفضين عند اعلان احتجاجاتها المسبقة ثانيا ، ولتمركز الكثير من الوجوه المؤثرة والبارزة فيها ثالثا .

لكن ذاك لم يلغ للأن سمة النقص الأساسية في الحركة الاحتجاجية كلها . وأعني به الأطار التنظيمي الجامع ، ناهيك عن البرنامج الادنى والمتفق عليه وطنيا في تحديد مالآت ومسارات الحركة وأهدافها النهائية .

ولا يبدو هدفا كهذا يلوح في الأفق القريب في ظل غياب معارضة يعتد بها لعملية سياسية مشوهة أنجبت نظاما فاسدا أستند على المحاصصة والنهب ومنذ العام ٢٠٠٣ ، ناهيك عن عدم وجود قيادة أو حزبا سياسيا يتمتع بمقبولية وطنية واسعة في الشارع العراقي الأن .

وبعيدا عن الأسباب الكثيرة والمعقدة التي أفضت الى وضع كهذا ، فثمة ما يلوح في الأفق بأن العديد من الفاعلين الأساسيين في حركة الأحتجاج ، وفي مختلف المحافظات العراقية ، قد أدركوا " عقدة النقص " هذه ، بل وضرورة تجاوزها في خضم الصراع مع خصم مدجج بالسلاح والتجربة وبحماية السلطة أيضا ! …

لكن أنجازها الوطني الناجح ، وفي اللحظة الراهنة ، يبدو معقدا الى حد كبير .
وفي مجرى البحث عن " طرق ملموسة " يمكن الذهاب الى الأتي :

أن يجري بذل جهد أستثنائي لأنشاء أطار ما أو تنسيقية يستظل بها الجميع ، وبحدود ثلاث محافظات في البدء . وبديهي أن يكون ممثلوها من الناشطين الحقيقين في ساحات الأحتجاج ومن الوجوه المدنية والاجتماعية المقبولة في هذه المحافظات .

وطبيعي هنا أن تكون نقطة البدء في المحافظات الأكثر رفضا وأحتجاجا وديمومة وخبرة منذ العام  ٢٠١١ وللأن .

وهنا لابد من الأتفاق على برامج عمل وطرق مرنة الى حد كبير في أختيار وأنجاح التنسيقات الأولى ، مع مرعاة الشبيبة وتنوع مشاربهم وأصحاب الخبرة في تكوين النواتات القيادية الأساسية .

وما أظنه ان المفاوضات اللاحقة مع أي محافظة أخرى ومحتجيها سيكون أيسر عندما يكون الوفد المفاوض معها يمثل ثلاث محافظات ، مع عرض لتجربته الناجحة مثلا في التشاور وتبادل الرأي وتحديد وطرح الشعارات المناسبة وطرق التعامل مع الأجهزة الأمنية وما الى ذلك .

ان كسب كل محافظة جديدة مقرونا بتوسيع الأطار التنظيمي سيكون خطوة جادة على طريق طويل ، لكنه حتمي وضروري الى حد كبير ، لخلق " تنسيقية واحدة " على المستوى الوطني ستأخذ على عاتقها تحديد أهداف الاحتجاج والأنتفاض اللاحق وشعاراته وطرق تنظيمه ، والتفاوض مع السلطة ان اقتضى الأمر ، وصولا الى زعزعة نظام المحاصصة الفاسد برمته واقتلاعه من جذوره عبر عملية سلمية قد تكون الأنتخابات أو العصيان المدني هو الحكم الفيصل فيها .

ان النقص التنظيمي هو مقتل حركة الاحتجاج في اللحظة الراهنة ، وعلينا جميعا البحث عن " طرق ملموسة " لردمه وتجاوزه من أجل الهدف الاسمى المتمثل ببناء دولة المواطنة الحرة ومؤسساتها القانونية اللازمة ، بعيدا عن التميز الطائفي والقومي .



موقع شارع المتنبي
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter