الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت 14/3/ 2009



خِواء
(
في رثاء إحدى الغرف)


لنْ تكونَ حياة الناس عادلة إلا إذا كانتْ طافحة بالجمال
                                                      رامبراندت

عبداللطيف الحسيني
alanabda9@gmail.com

إلى الشاعرة الفلسطينية : نائلة الخطيب

أخافُ أنْ أصدّقَ ما أقوله للآخرين , لكنّ العزلة تقتلني , فأبعدتُ الهدوءَ عني , و بتُّ أسحبُ الطرقَ إلى قدميَّ لأمشيَ عليها دون سلامٍ على العابرين .
منذ سنتين تكتظُّ بالقسوة , و تغادرُها الأصواتُ التي ألفتُها , لكنّي أُغادرُها الآن .
أردُّ عليها ما أسألها :
و تردُّ عليَّ ما تسألني :
فأسمعُ همساً من أثاثها القديم يبتعدُ عني
ف
أ
ب
ت
ع
دُ
أذكرُ أني
دلقتُ على جدرانها
قهوةً مُرّة و نبيذاً
سأصدّقُها بعد حين لأني فتحتُ بابَها مُراقباً صوتَ المطر
فتهربُ القطةُ إلى الداخل مختبئةً بين اللحاف
سأصدّقُها الآنَ
ثم تعذبُني .حين تشحبُ أُعطيها نبضي لتعلّمني أنْ أحبّ
في الأمسيات التي لا أكلّمُ فيها فتاةً ما
أجلسُ على أيِّ كرسيٍّ
أو أقفُ فوقَ الطاولة لأبوحَ
للسرير أو لخزانة الكتب ما يعذّبُني في يومي .
قد يجتمعُ فوقَ ركبتيّ الصورُ , و مواءُ قطة حامل
ربّما أبكي حين أجدُ ظلاً لضوئها الخافت مُرتسماً على كفي
وأنا ألوّحُ لها في الحلم
أغطي بياضها بثرثرتي حين يغيبُ عنها أصدقائي
أحيانا أخاطبُ رشاقة ظلي على الحائط وأضحكُ
- حين لا تشاركُني يداي ........أصمتُ -
سأصدّقُها الآنَ : الغرفُ المجاورة لها تبحثُ عنها برعبٍ .
تسألُ عن سرِّ هذا الشحوب للشراشف .
ولماذا غادر المخدة قطنٌ زيتي ؟
موحشةً تسألُ أصدقائي عني : كنا نرى شخصاً يشبهكَ أكثر نحافةً أمام طاولتكَ يقرأُ وصيته بعينيكَ : لهجته تخوّفُ , حتى أنّ الصورَ هربتْ مني .
لأني قلّدتُ صوته من الخوف
لمْ يعدُ بيننا ما يُصدّقُ.
أخاطبُ الحياة بسوءٍ : لم تعدْ تتسعُ لكآبتي .
الغرباءُ حولي يهذبون قمصانهم , لكنهم لا يلمعون حين يغادرونني .
رائحتهم تصرخُ
أكادُ أصرخُ بهم .
سأصدّقُها حين تناديني بالغريب :
المدنُ التي زرْتها أعطتكَ ألماً كثيراً و حمرة في العينين . و كنتَ تستحقُ أيها الغريبُ .
قبل أنْ تتذكرَ سأردُّ عليكَ بطلاقةٍ - لأني أحبُّك أُخفي ما تكرهُه -
حتى جعلتكَ ناصعا أيها الغريبُ .
تلبسُ قميصاً أزرقَ , وتحسبُه رصاصياً
فدعني ألامسْ كتفيكَ قبل أنْ أحسَّ بأني ميتُ الآنَ .
قبل أنْ يراني أحدٌ .


 

free web counter