الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت  24 / 8 / 2013

 

مسرحية " ثور فالارس" للكاتب ماجد الخطيب

هيثم الطعان

حينما يستوي المعذَّب والمعذِّب في شخص واحد
عن المطبعة والوراقة الوطنية في مراكش/المغرب صدرت مسرحية"ثور فالارس" للكاتب ماجد الخطيب المقيم في ألمانيا. ويوظف الكاتب، في مسرحيته السابعة، حكاية حقيقية وقعت في اكراغاس الهلينيه قبل 550 سنة من ميلاد المسيح. ويستقي الخطيب العبرة من وقائع هذه الحكاية القديمة لتسليط الضوء، من جديد، على العلاقة بين المثقفين والطغاة في عالم اليوم.

ففي القرن الخامس قبل الميلاد قدم النحات اليوناني المعروف بيريليوس ثوراً نحاسياً هائلاً، هدية إلى الطاغية الدموي فالارس الحاكم في اكراغاس. كان الثور النحاسي بلا فتحات، فضلاً عن باب موقد، و فتحات الفم والمنخرين. وزود الفنان"المبدع" المنخرين والفم بأجهزة موسيقية تحول صرخات الضحايا في جوف الثور إلى موسيقى. وكان فالارس يعب النبيذ ويرقص على أنغام الموسيقى منتشياّ بساديته.

وطوال 16 عاماً كان فالارس يقيم حفلات الشي لضحاياه داخل الثور بشكل يومي تقريباً. وصار عليه، في النهاية، أن يواجه العالم والفيليسوف الجليل فيثاغوراس، بعد أن شملت حفلات الشواء عدداً من اتباع"الجماعة الفيثاغورية".
وكتب ماجد الخطيب في مقدةم المسرحية"هذه هي المرة الثانية التي اتناول فيها موضوع العلاقة بين المبدع والطغاة في أعمالي المسرحية. كانت المرة الأولى عام 2002 من خلال مونودراما"عاشق الظلام"، التي تصور شاعرا يدبج قصائد المديح للطاغية وحروبه وجرائمه، وتكشف عمق التناقض النفسي داخله وهو يخضع لسياسة الترهيب والترغيب. وطبيعي، فانا اعتبر قصة فالارس نموذجا للمسرحيات التي استوحت التاريخ القديم في معالجة مشاكل الحاضر مثل مسرحية" رأس المملوك جابر" للاستاذ الراحل سعد الله ونوس، ومسرحية" انسوا هيروسترات" لغريغوري غورين.

أتساءل منذ ثلاثين سنة، وما زلت أتساءل، وأنا على ثقة من انني سأبقى أردد هذا السؤال حتى مماتي. ما الذي يدفع مبدعاً واعياً لرسالته الفنية-الإنسانية إلى تسخير فنه لخدمة طاغية دموي. كيف تسنى للشاعر الفلاني أن يمجد قاتلاً يعاني من"النيكروفيليا"؟ ألم ترتجف يد فنان رقيق مثل بيريليوس وهو ينحت الثور النحاسي الهائل ويهديه إلى فالارس؟ بل: كيف تفتق ذهنه عن هذه الوحشية، بمعنى أن يزود الثور بنظام موسيقي يحول صرخات المشوي داخله إلى موسيقى يرقص عليها الملك؟

هل يمكننا تفسير كل ذلك فقط على أساس "سياسة الترغيب والترهيب" أو طريقة الجزرة والعصا"؟
هل لنا ان ننسى الحكمة الاغريقية "من يصنع أدوات الشر يقع ضحيتها".



لوحة الغلاف : للفنان حسام البصام
صمم الغلاف : الفنان اخلاص عباس


 

free web counter