الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأربعاء 3/9/ 2008

 

" فئران الاختبار"
مسرحية جديدة للكاتب ماجد الخطيب

د. أســـعد راشـــــد

يدعو الفيلسوف النمساوي هوبرت شلايشرت إلى مواجهة الإرهاب بالسخرية في كتابه" كيف تناقش إرهابيا دون أن تفقد رشدك". ولا يقصد الكاتب السخرية من الدين، على طريقة الكاريكاتيرات المسيئة للنبي محمد، وإنما السخرية من العقل الإرهابي وحججه ومبرراته. وهو ما يفعله ماجد الخطيب في مسرحية" فئران الاختبار" التي صدرت مؤخرا في القاهرة.

في التسعينات، عالجت حكومة ريغان ملف الإرهاب، وعرّف الإرهاب حينها على أنه تحالف حرب العصابات في امريكا الللاتينية مع كارتل المخدرات وكوبا، بواسطة الأموال المستمدة من زراعة المخدرات في أفغانستان باشراف المخابرات المركزية. وهو ما يسمى في الطب "علاجا" زائفا، أو "بلاسيبو".
والقضية الأساسية في مسرحية" فئران الاختبار" هو العلاج الزائف الذي يسمى " بلاسيبو". وتسخّر المسرحية الخيال العلمي لتتناول بالتشريح موضوع الإرهب وجذوره وأسبابه. فهي مسرحية تدين الإرهاب، تتعرض إلى جذوره ومسبباته، لكنها تدين العنف المضاد وعنف الدولة الكبيره وشموليته، ومؤسسات هذه الدوله الصانعة للأرهاب.
ويتخيل الكاتب "مؤسسة" طبية يعمل فيها بروفيسور على تجربة ليطور عقار يجرد الناس من العنف. وبعد نجاحه في تحضير العقار وتجربته على الفئران، ترشح المؤسسة ثلاثة إرهابيين ليجري البروفيسور تجاربه عليهم بغية تجريدهم من السلوك العدواني وتحويلهم إلى أناس طبيعيين. ويتم اختيار الثلاثة من اكثر الإرهابيين عنفا، ومن بين المتهمين بارتكاب مجازر جماعية وأعمال تفجيرات، بهدف الرصد السريع لأية بادرة تحسن.
واختار المؤلف أن يبدأ حيث انتهت المسرحية ثم يعود بطريقة " الفلاش باك" ليسرد التطورات التي أدت إلى ذروة العمل الدرامي. إذ تبدأ المسرحية بمشهد الإرهابيين وهم يحتفظون بالممرضة كرهينة ورجال القوات الخاصة يقتحمون المختبر ويطلقون قنابلهم الدخانية الخانقة والمسيلة للدموع.
وكما في " عاشق الظلام ـ مسرحيته السابقه" يوظف ماجد الخطيب معلوماته الطبية لتمتين أسس العمل الدرامي ومنحه المعقولية العلمية المناسبة. إذ يفسر البروفيسور تأثير عقاره، الذي يجرد البشر من العدوانية ،على أساس نظرية" الإعتلال الدماغي الشوكي" التي ترى أن الدماغ ينبض مثل القلب، ولكن نبضاته غير محسوسة، وأن توتر الإنسان يرتفع كلما ارتفع نبض دماغه. وعلى هذا الاساس فأن العقار ينظم نبض الدماغ ويوقف فرز الهرمونات التي تسبب التوتر.
وتنجح التجربة في تحسين أحد الإرهابيين، وهو اصغرهم سنا، فيجري نقله إلى غرفة أخرى خشية انتقام رفيقيه منه. ويحلق الشاب لحيته ، يكتب أعتذارات إلى الضحايا، تتحسن علاقته مع البروفيسور والممرضة ويقتنع الطبيب بأن الشاب في طريق التحسن وأن التجربة نجحت.
يفاجأ البروفيسور لاحقا بأن الشاب كان يتلقى علاجا زائفا" بلاسيبو". وأن الممرضة، بأمر المؤسسة،كانت تزرقه ماء مقطرا. ويتضح أن الطبيب أرادها تجربة دون مجموعة مقارنة في حين عملت المؤسسة، دون علمه، على اعتبار الشاب ضمن مجموعة المقارنة التي تتلقى جرعات كاذبة.
يحاول البروفيسور اقناع المؤسسة بأن الشاب تحسن فعلا، وأن تحوله الكبير، رغم البلاسيبو، نابع عن قناعة داخلية بالتغير . وان انتمائه إلى الإرهابيين، كان بدافع الانتقام لأخته التي اغتصبها رجال الشرطة بسبب ميولها السياسيه.
يفشل الطبيب في اقناع المؤسسة. يقدم استقالته و يغادر، تاركا الشاب في حيرة.
يعاد الشاب إلى زميليه، وينجح الإرهابيان الآخران في هذه الأثناء باختطاف الممرضة والتهديد بقتلها أو إطلاق سراحهم. يقتحم رجال القوات الخاصة المختبر عنوة لتخليص الممرضة من قبضة الإرهابيين وإنهاء حالة الحصار وتنتهي المسرحية بمجزرة.
وقد نجح الكاتب في صياغة مستويين مختلفين من الحوار. مستوى الحوارالذي تستخدمه " المؤسسه في تعاملها ألأمري مع ألأرهابيين والبروفسورعلى السواء. والمستوى الثاني بين الإرهابيين الثلاثه انفسهم، وخصوصا في مشهد تجهيز الثالث بحزام ناسف، وكذلك في المشهد" التآمري" بين الأول والثاني لخطف الممرضة والهروب من المختبر. كما نجح في خلق المفاجئة الدرامية في بناء وتطور احداث المســـرحيه.
صدرت المسرحية عن دار " الدار" القاهرية وصمم الغلاف الفنان المعروف فيصل لعيبي.
 

 

free web counter