الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأثنين 5/4/ 2010

 

المسموح و الممنوع في هولندا
ندوة أكاديمية متخصصة تدرس الخطابين الاجتماعي والفني لفلم Geweld is niet woong


فيصل فائق صبري *

من المعروف أن العنف يولـِّد العنف.. وهناك وسائل عديدة للعنف منها استخدام القوة البدنية (الضرب و التحرش الجنسي) أو التفرقة العنصرية أو التوبيخ و التهديد... إلخ من أساليب العنف و مظاهره التي تؤدي إلى الاضطهاد النفسي و الجسماني، بحيث يفكر المجني عليه بالانتحار أو بأية أمور أخرى من ردود الفعل والاحتجاجات السلبية بنتائجها .

ومجتمعات البلدان النامية بشكل عام و في المجتمع الشرقي الإسلامي الذي نعيش فيه بشكل خاص، لا يرحم أيّ شخص إذا مارس حقه بوصفه إنسانا، في ظل عقبات بل حرمانات جزئية أو كلية لمطالبه وحاجاته الحياتية. ويصعِّد من هذه القسوة والمصادرات وأشكال الاستلاب، حال الدمار الناجم عن الحروب الدموية بين دولتين أو الحروب الأهلية في دولة بعينها، الأمر الذي يدفع المواطن للتفكير باللجوء إلى دول أكثر رفاهية و أمان (أوروبا نموذجا)، حالما بممارسة حقوقه الشخصية وتلبية حاجاته الإنسانية...

وهناك دافع آخر يجعل الإنسان يحمل حقيبته و يغادر بيته ووطنه الأم ألا وهو الدافع الاقتصادي... كما في ظروف المواطنين المغاربة والترك، باحثين عن العمل وتلبية لقمة العيش... وبصورة عامة اللاجئ يبحث عن لجوئه لسببين أساسيين هما السبب السياسي و\أو السبب الإنساني. لكن ماذا يحصل عندما ينتقل المواطن من بلده إلى بلد اللجوء؟

بالتأكيد في الوهلة الأولى سيمر بحالة من دهشة شديدة وصدمة التغيير بمقارنة نفسية داخلية بين البلد الذي جاء منه و بلد اللجوء الذي تطلع إليه حلا كليا أو جذريا لمشكلاته وإجابة لمطالبه، وبعد فترة من الزمن يلاحظ بأنه يعيش حالة من فقدان الاتزان وحتى فقدان الهوية التي يعتز بها الأمر الذي يمرّ عبر صراع داخلي عنيف.. وكذلك عبر صراع مع الآخر لينتج عن كل تلك الصراعات شعور بالضياع. وهذا الضياع قد يفضي إلى نتائج عميقة فيؤدي في بعض الأحيان إلى أعمال عنف و إلى جرائم يعاقب عليها القانون.

إنّ جملة هذه الأوضاع يتم متباعتها ودراستها في غالب بلدان اللجوء باستفاضة ومن بين تلك البلدان جرى ويجري في هولندا مثل هذه المتابعات البحثية والاستقصاءات التي تعمل على تبيّن الحالات ومعالجتها. ومؤخرا أقامت مؤسسة فاروس وهي مركز المعلومات و الاستشارة و الرعاية الصحية للمواطنين الجدد في هولندا و مؤسسة موفيس و هي مسوؤلة عن التعرف إلى الاستشارة من أجل التطور الاجتماعي و الرعاية العامة و بتمويل مادي من صندوق سكانفوندس و إدارة استقبال اللاجئين (سي .آ. أو CAO) ندوة تحت شعار "العنف ليس بالشئ المعتاد.. اعرف حقوقك وابحث عن المساعدة"...

و قد حاضرت في الندوة البروفسورة خلوريا فيكر الأستاذة في جامعة أوتريخت الهولندية . و من النقاط المهمة التي وردت في تلك الندوة كانت حول التحرش الجنسي و ممارسة الدعارة بالإجبار و الإكراه.. كذلك العنف داخل البيت (العنف المخفي) من قبل أولياء الأمور، وأيضا قضايا متعلقة بما يتعارف عليه بجرائم الشرف.. فيما كانت المحطة الأخيرة حول العنصرية أو التمييز ضد اللوطيين و السحاقيات .

وبعد المحاضرة جرى عرض أحد الأفلام المنتجة في معالجة جانب من هذه المشكلات والمعاناة الناجمة عنها. والفلم كان أساسا فلما صامتا أنتجته شركة (لوس أميجوس) الهولندية.. شارك فيه مجموعة من الممثلين الهولنديين إلى جانب الفنان المسرحي العراقي فيصل فائق صبري الذي أدى دور البطولة في العمل .

تدور أحداث الفلم حول العنف داخل البيت (ضرب الزوجة بلا سبب معين و\أو التهديد بالقتل أو حرمان الزوجة و الأطفال من المال المخصص لهم من قبل البلدية، وفي مفردات الفلم نشاهد أيضا موضوع الإجبار والإكراه على ممارسة الجنس مقابل المال أو مقابل أشياء مثل الملابس أو المجوهرات..إلخ. وفي محور آخر من الفلم كان هناك مشهد عن الزواج بين الرجل و الرجل أو المرأة و المرأة الأمر الذي يسمح به القانون الهولندي و معترف من به من قبل البلديات.

لقد جاء اختيار هذا الفلم مقصودا ومن هنا بدأ بعد العرض نقاش حوله و عن دلالالته والعلاجات الفنية المضمونية التي وصلت الجمهور المختص... وأقصد هنا بالمختص أنّ الحضور المشارك في الندوة وحواراتها كان منتخبا من حملة الشهادات العليا من مستوى ماجستير فما فوق من العاملين في المؤسسات و المنظمات الهولدندية داخل و خارج هولندا.. وكان إلى جانب ذلك حضور جماهيري حاشد لمتابعة عرض هذا الفلم ومناقشة طروحاته ومعالجاته وللقناعات الجدية للناشطين والمتخصصين في معالجة هذه الموضوعات المهمة والظواهر التي تعكسها المعالجات الفنية المضمونية فقد تمّ الاتفاق على ان هذا الفلم امتلك أدوات التأثير الجمالية لخلق تغييرات في القناعات والسلوكيات السائدة بما يتجه نحو أفضل تطورات موضوعية مناسبة لدى الهولنديين الجدد والتآلف بينهم والمجتمع الذي يحيون في كنفه.. ما دفع للتوصية بوجوب توزيع الفلم في جميع مراكز استقبال اللاجئين وكذلك في المدارس الخاصة بهم وتلك التي تحتضن أغلبية من الهولنديين الجدد.. فالهدف الرئيس من الفلم يبقى منصبا بشكل أساس في أن يتعلم اللاجئ أو القادم الجديد قوانين الحياة العامة وتفاصيل القيم المحمية قانونيا والمعمّدة بقبول اجتماعي عام ومن ثمّ يمكن الاختزال بالقول إن محورا مهما يقدمه الفلم بشأن الانتهاء من ظواهر العنف السري والتمسك بقيم متفشية في مجتمعات التخلف ما لا يمكن انتقاله إلى المجتمع المدني الذي يحترم الإنسان وقيمه وحقوقه ويلزم بالنهاية أن نقول ما قاله الفلم وندوته التخصصية في واجب تعلّم ما هو المسموح و ما هو الممنوع في هولندا.


جرت الندوة بتفاصيل المكان والزمان الآتيين:

Maandag 15 Maart 2010
Van 15:30- 17:30
La Place Vergadercentrum
Hoog Catharijne, te Utrecht




* فنان مسرحي مقيم في هولندا
عضو الهيئة الادارية لرابطة بابل للكتاب و الفنانين العراقيين في هولندا
عضو فرقة مسرح بلا حدود الهولندية
Theater Zonder Grens


 

free web counter