الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأثنين 7/2/ 2011

 

مسرحية ماجد الخطيب الجديدة :
 "ريام في بلاد الأحلام"

كوميديا فنطازية سوداء عن الهجرة والاغتراب والعودة

د. أسعد راشد - مالمو(السويد)

بعد مسرحيات" الوسام" و "عاشق الظلام" و"فئران الإختبار"، يطل علينا ماجد الخطيب هذه المرة بكوميديا سوداء جديدة عن الهجرة والاغتراب والعودة إلى الوطن.

يبدد ماجد الخطيب في مسرحيته كل الأوهام التي روادتنا عن حلم العودة إلى الوطن بعد تفاقم ظواهر القتل على الهوية والإرهاب والارتداد الثقافي المر. ويبدد كل آمال الحالمين بالحث عن راحة البال والاستقرار خارج الوطن في هذا الزمن المر. وهذه هي حال الشعوب المبتلية بالحروب والطغاة والإرهاب: شعب في الداخل يعيش حالة حصار، يحلم بالهجرة إلى الخارج، ولا يجد أية فرصة للهروب من مصيره، وشعب في الخارج، يقتله الحنين، وتردعه دوامة الدم الدائرة في الوطن عن العودة.

بنى الكاتب مسرحيته على مستوين مترابطين يمكن القول أنهما توأمان سياميان مثل التوأمين الذين تلتقيهما"ريام الصغيرة" في رحلتها الغرائبية داخل الوطن الذي قد يكون العراق. بل يمكن القول أن المسرحية عبارة عن مسرحيتين متداخلتين تلعب فيهما ريام (تؤدي الدورين نفس الممثلة) خيط ستانسلافسكي الذي ينسج شبكة الأحداث ويطرّز العلاقة النفسية والشخصية بين المهاجر والعائد إلى الوطن.

فهناك ريام الصغيرة (12 سنة)، المولودة في أوربا، والتي لم تسمع عن وطنها الأصلي وتاريخه وحضارته إلا من والدها، تطير على أجنحة الوسادة، كما تفعل" أليس في بلاد العجائب"، لتعيش العجائب والغرائب التي أفرزتها الحروب والدكتاتوريات في هذا الوطن.

وتحلم ريام الكبيرة (35 سنة) بالهجرة من الوطن والعيش الكريم في أوربا، تصل مع زوجها إلى اسطنبول فتقع ضحية تجار الرقيق الجدد وعصابات تهريب البشر، وتتكسر أحلامها على شواطيء أوربا.

تتوالى أحداث المسرحية لتتابع مصير ريام، بشخصيتيها، في رحلتيهما المعقدتين من الوطن وإلى داخله. وكما تفعل أليس في بلاد العجائب، وعكس أحلام ريام عن بابل وسومر والرافدين وغابات النخيل، تصاب بالذهول أمام غرائب العراق الجديد، وتلتقي شخصيات غرائبية، وتعيش مشاهد" لامعقولة"، تكشف للمشاهد ما حل بالبلد طوال السنين الثلاثين الماضية.

وإذا كانت أليس، في قصتها من تأليف لويس كارول، تلتقي بالتوأم تويدلدوم وتويدلدي، وهما في خلافهما ونزاعهما الدائميين، فأن ريام تلتقي في بلاد الأحلام بالتوأم السيامي زيد وعمرو. وهما سياميان ملتصقان عند الرأس يرمز بهما الكاتب إلى"العقلية ذاتها" التي تميز العديد من المتصارعين. والأسمان الدارجان في اللغة العربية ( ضرب زيد و عمرو) قد يرمزان إلى طائفتين متنافستين أو قوميتين متنازعتين، أو ربما سياسيين من نفس العقلية، كما أنها قد يعكسان انفصام شخصية ابن البلد السياسية.

وتعيش ريام الشابة في اسطنبول مع زوجها الكاتب المسرحي، الذي يكتب في الواقع مسرحية "ريام في بلاد الأحلام"، ويسعى إلى إيصال ريام الصغيرة إلى نهاية سعيدة في بلاد الأحلام،  فيما تسعى زوجته بلا كلل إلى تحقيق حلم وصولها إلى أوربا.

المكان هنا قد يكون العراق أو غيره لأن مصائر المهاجرين المغاربة أو الجزائريين لا تقل مأساوية. إما الزمان فهو كل الفترة السابقة، حيث تشي الأحداث بحصولها خلال الحرب أو في أيام الحصار الاقتصادي أو في زمن ما بعد سقوط صدام وتفاقم نشاط "مصاصي الدماء" والمرتشين.

تصل المسرحية مع ريام الصغيرة ذروتها في مشهد المحاكمة الذي يذكّر بمشهد محاكمة أليس في بلاد العجائب. وهي محكمة تجري فيها محاكمة كل الاشكال والحيوانات والأفراد التي التقتهم خلال رحلتها اللامعقولة في اللامعقول. تكال إلى ريام كل التهم الممكنة والممتدة بين الإرهاب وخيانة الوطن و خرق قانون حظر الأحلام. فتستفسر من القاضي مستغربة كيف يمكن حظر الأحلام في بلاد الأحلام؟

ريام الكبيرة، التي تعمل لجمع المال اللازم لتمويل مغامرة التهريب بالزوارق إلى أوربا، تحبل في اسطنبول، ويشك زوجها في أبوته للطفل، لأنه كان يعاني من العقم"النفسي"،  ويبحث مع زوجته عن علاج ناجح للحالة في أوربا. وتصل ريام الشابة إلى ذروة أحداث قصتها في مشهد عبور البحر في قارب مطاط. إذ يكتشف خفر السواحل الزرق ويرفضون استقبال راكبيه كلاجئين، ويطلب منها المهرب أن تلقي أبنها الرضيع إلى البحر، كما فعل بعض العراقيين قرب السواحل الاسترالية، بهدف استمالة عواطف رجال خفر السواحل وقسرهم على انتشال الجميع. تختار هي القفز مع وليدها إلى اليم.

أبو حسن    :هشششش ضوه الساحل!

(أصوات تدل على الارتياح، ضوء خافت. مشهد زورق مطاطي كبير محمل بالبشر فوق طاقته في عرض البحر.عادل، امرأة محجبة تماما بفوطة الرأس والجبّة، أبو حسن (المهرب). الباقون عبارة عن دمى)

عادل                   : أخيرا وصلنه بر الأمان ... الحمد لله!

أبو حسن    : هدوء رجاء !!! تره زوارق خفر السواحل رايحة جاية!( صمت. صوت بكاء طفل يمزق الصمت. عادل والمرأة المحجبة محرجان)

أبو حسن   : طفل ! رضيع ! (يشم) الريحة الكريهة جانت منّه!! هذا ابنچ؟

ريام         :(ريام تزيح الجبة، التي كانت تستخدمها لإخفاء الطفل، ومنديل الرأس) طبعا ابني، خو مامشتريته من سوک مريدي ... شسوي إذا ايغور افندي يريد مني الف دولار على رضيع ... منين أجيب ألف دولار!!

أبو حسن:   يعني سويتيهه وچذبتي عليّ من كَلتي ابنچ مات!! وتريدين تعبرينه لأوربا بلاش مو!! على كل حال بعدنه ما وصلنه، واحلف بشرفي .. هذا الزورق ما يوصل للبر إذا ما تدفعين هسه 500 دولار.... (إلى عادل) لو تدفعون عن الطفل لو تنزلون هسه من المركب !!

ريام         :(ريام تحاول اسكات الطفل. يطأطئ عادل رأسه) نزل صوتك أول مرة ... صياحك راح يوصل لألمانيا مو بس للساحل... هدي اعصابك ولا تتوتر ... فلوس ما عدنه وانته أعرف بوضعنه ... بعدين عيب عليك ... وين ننزل ؟؟ بالبحر حته نغرك و نموت ؟ هذا طفل رضيع ما عنده شي ضدك ... عيب عليك!! انته ما عندك ضمير !!

أبو حسن    : لا ماعندي ضمير، اليشتغل بتهريب البشر ما عنده ضمير لأنه ديجازف بحياته يوميا من أجل الفلوس مو من أجل حياتكم!! لو تدفعين عن الولد هسه لو تنزلون من الزورق!!!

ريام:        (تخاطب عادل بألم وعتاب) ولك ما تحچي ... ما تدافع عن ابنك .... ولك والله هذا ابنك ...  عادل وصّلنة لبر الأمان مثل ما اتفقنا وبعدين شتريد تسوي سوي!!

(بقعة ضوء شديدة تكشف الزروق، رياح قوية، صوت هيليكوبتر و أصوات صادرة عن محرك زورق لخفر السواحل و بمكبرات الصوت. اصوات احتجاج ورعب من زورق اللاجئين)

Please go back to your ship … you are not allowed to land on the

land on the European territories, any try to get near to the

 shore will be considered as a break to the

International laws. I repeat … don’t come close to the

shore, go back to where you came from.

عادل        : انصدنه !!! كل التعب والفلوس والتشرد والتواسيل راحت بلاش (بصوت عال نحو أبي حسن) أبو حسن شراح نسوي؟؟

أبو حسن:  ( بصوت عال) نحچي وياهم بلكي عدهم ضمير ويشيلونه !!!

ريام         : ( بصوت عال) هسة صرت تحچي بالضمير ها !!! شلون تحچي وياهم وهمه بعد 100 متر عنك ؟

أبو حسن    : ما أدري !!! ( بعد تردد. بصوت عال)  أو نسوي مثل ما سووا العراقيين بالبحر يم استراليا.

عادل       : شنو سووا؟

أبو حسن    : ذبوا أولادهم بالبحر حته ينكسر خاطر الاستراليين عليهم ويضطرون ينتشلونهم (فترة صمت) ما عدنه غير طفل واحد ... (ينظر إلى ريام وطفلها)

عادل        : بس هذا مو طفل ... هذا رضيع ... يعني ما يكّدر يعيش اكثر من ثانية، هذا مو معقول!

أبو حسن   : (لعادل) صدكَني ما عدنه غير حل!!!

عادل       : انته قنعهه !!

ريام         : عادل !!! شلون تريدني اذب ابني بالبحر ... انته تخبلت ... ولك هذا ابنك ... والله ابنك ( عادل صامت، متردد)

أبو حسن    بأ:(يتقدم نحوها و ينتزع الطفل منها بسرعة خاطفة) لا تخافين، مايصير عليه شي، دقيقة وحدة بس، واذا ما انتشلوه آني أچيت واجيبلچياه صاحي (ريام تخطف الطفل من يده وتدفع المهرب بقوة ويحدث صراع بين الاثنين. بعد تردد قليل تقفز ريام فجأة إلى البحر مع ابنها. زعقة رعب من عادل يقفز على اثرها إلى البحر، يتبعه أبو حسن بعد تردد).

صوت مكبرات الصوت :

Man over board … Man over board . Man …

(هدوء. ظلام)

 

"ريام في بلاد الأحلام" كوميديا فنطازية سوداء عن الهجرة والاغتراب والعودة.

 

عن الشرق الاوسط

 

free web counter