|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

 
 

                                الأربعاء 1 / 7 / 2015                                            آداب                                                                       الأرشيف

 
 

 

صـرخــة النــــار

عبدالإله الياسري
 

الى الذي اجتهد فاصاب وأنشد فأجاد وعمل فاقتدى بـه العراقيّون الوطنيون.الى الذي وقف وقفته الوطنية المشهودة ضد الإحتلال البريطاني،ولم يفرّ او يستسلم.الى بطل ثورة العشرين الشيخ )شعلان أبوالجون(الذي سـبقت شرارته مداد الفتاوى (1):
 

 

أجَّتْ بزندِكَ في(العشرين) نيرانُ
فمَن يُؤجِّجُ نارَ اليوم (شعلانُ)؟(2)
ومَنْ لمُهرِكَ قد أَضنتْـه مسكنةٌ؟
ومن لسيفِـــكَ قـد آذاه خــذلانُ؟ (3)
ومَنْ لروحِك مجبولاً على ضَرَمٍ
قـد أَطفاتْـه على اللَّـذاتِ أَبـدانُ؟ (4)
ومَنْ لعاشـقِ جمــرٍ فيكَ محترقٍ
وجـداً يحاصـــرُه ثلـجٌ وأضغانُ (5)
ماكان هيمانَ عن قربَى وعن صلةٍ
لكنْ بكـلِّ نبـيٍّ ثــــــارَهيمـــــانُ
واعٍ يغـربـلُ ثـُــوَّاراً، وأذهـلَـــــه
منــكَ امتيــازُ بطــولاتٍ وإيمــــانُ
مازالَ صوتـُك إنْ مرَّتْ صواعقُــه
طيفاً بـ (لنـدنَ) تـأرقْ منـه أجفــانُ
للموقـفِ الحــرِّ عمـرٌ لازمـانَ لـــه
عبـر الخـلودِ، وللأجســادِ أزمــــانُ
ياخطـوةَ العــزِّ لم تُـفزعـْكَ زلزلــةٌ
ملءَ الفضـاءِ، ولم يُوقفْـكَ طـوفـانُ
ولم تَزلَّ، ولم تُشــفقْ على جســــدٍ
أَعيـــاه في حَلَبـَـاتِ الجِـدِّ ميـــــدانُ
ولم تـُذلَّ شــموخاً للعــــراقِ ،ولم
تُـنـزلْــكَ عــن قمـَّـةٍ للنسـرِ وديـانُ
ياباعـثَ الشـمسِ في ليـلٍ لعاشــقِها
كأنـَّــك اللهُ يفـنَى فيــــه إنســــــانُ
كيف استكنَّتْ بنعشٍ فيكَ عاصفة ٌ؟
وكيــف قـَـرَّ بلحـدٍ فيـكَ بـركانُ؟ (6)
وكيف دارتْ بك الأقدارُ واحتجبتْ
تحت التـرابِ لنـورٍ فيــكَ أكـوانُ؟
وكيف نمتَ قريرَ العينِ عن وطـنٍ
والحـارســونَ بلا عينيـكَ عميـانُ؟

***
أَولَى بـراحـةِ قبـرٍ منـكَ مُضطجَعاً
موتَى بلا ميتةٍ في العيش أقنـانُ (7)
أَلنــازلـــونَ لجيفــاتٍ بمُـنخـفَـــضٍ
تـقودُهـم في طريــقِ العارِ غربانُ
والمُعجَبــــونَ بطاووسٍ ومشــيتـِـه
بـريـقُ ريـشٍ لـــه منهـمُ وألــــوانُ
والمُشـحِمونَ بطـوناً من موائــــدِه
سُـحتاً وقـد هــزلتْ أمٌّ وإخــوانُ (8)
والعارضونَ من الأفيونِ ما وهمتْ
منـــه بأروقــةِ التخدَّيـــرِ أذهــــانُ
والســاندونَ ســـقوطاً بانحنـائِهــمُ
ســقوفـُه صمتُهـم والخوفُ جدرانُ
والذائــدونَ عـن الجـلّادِ مـن هـَلـَعٍ
كما تـلوذُ عـن السـكـَّينِ خـرفـانُ (9)
والمُجمِعونَ على صمتٍ كما اتفقتْ
علـى المعـالـفِ أبـقــــارٌ وثيـــرانُ
والمُرخصونَ مياه الرافديـنِ وهـلْ
قـلـبٌ يـُبيــحُ دماً فيـــه وشـــريانُ؟
سامُوا انطلاقَهما خَسْفاً وقد خضعوا
ومنهما- لو أرادوا العزَّ- تيجانُ (10)
مـا كـان أجـدرهــم بالسـمِّ مـن لبـَنٍ
فاضتْ عليهمْ بـه أرضٌ وغــدرانُ
يَجــلُّ كلــبُ رعــاةٍ عنهــمُ شـرفــاً
ومومساتٌ بمـاخـورٍ وغـلمــانُ (11)
دعــاةُ مـوتٍ ثقــالٌ فـي سـلاسلِهــم
يـُخيفُهـم أنْ يـفــكَّ القـيـــدَ فتيــــانُ
للأطلسيِّ ســروجٌ فــوق أظهـرِهــم
وللخليـجِ على الأعناقِ أرســانُ (12)
إنـِّي لأبـْــرَأُ مـن طيــنٍ بـــه ضعــةٌ
منهـمْ وشــرَّفَـنِي للنـــارِ عصيــانُ

***
إقـدحْ بزنـدِكَ يا(شـعلانُ) قد بـردتْ
مـواقدُ الوعي والثــوَّارُ قد هانــوا(13)
ونكَّسـتْ عـزَّةُ النهـريــنِ رايـتـَــــها
وطأطأتْ قامــةَ الأحـرارِ أحـــــزانُ
لا في الفـراتيـنِ أجـراسٌ يـَرنُّ بهــا
صوتٌ ولا في المنافي الصوتُ رنَّانُ
مـا لـ(الـرُمَيْـثـَةِ) قد أَحنـتْ منارتـَهـا
هُـونـاً ومــاتَ بهــا للكبـْـرِ آذانُ؟(14)
مـن أيـن آتي بفـرســانٍ يـُـذادُ بـهـــا
عن العـراقِ؟وهل في القومِ فرسانُ؟
ماتَ(القـرامطةُ) الأبطـالُ مـذ زمـنٍ
وصار في قبضةِ التجَّارِ(حمدانُ)(15)
إقـدحْ بـزنـدِكَ يا(شعلانُ )لا خمـدتْ
روحُ الحـريـقِ، ولا واراكَ نســيانُ
يكاد ينزاح رملٌ عنـكَ من غضبٍ
مرٍّ ، وتـنـشقُّ عـن عينيـكَ أكـفـانُ
وتبعث الَأرضُ للنهريــنِ آلهــــةً
فينــا، ومن خيرِنــا يُختـارُ قربـانُ
ياغضبةَ الطينِ ياتاريخَ خضرتِنــا
ياأنـتَ من جنـَّــةٍ للجمـرِ بُســـتـانُ
أُريدُ ناراً تَـفـلُّ الصمتَ صرختُها
فكـلُّ نــارٍ بكـفِّ الثـلــــجِ بـُهتــانُ
هذي دمائي لمنْ لم يَلقَ من حَطبٍ
عنـد الرجالِ على ماقـلـتُ برهـانُ
ولنبــــدأِ الآنَ لاحبــــرٌ، ولاورقٌ
حتى يتـمَّ علـى الأجســـادِ بنيـــانُ
وتَحصدَ الشمسَ للجوعى إرادتُنا
قمحاً،وتُصْعَقَ بالأضـواءِ فئـــرانُ
ويَرجـعَ النخـلُ أسـراباً لتربـتِــــه
من المنافي بخمرِ النصرِ سـكرانُ
ونـَلـبسَ الحـبَّ لاجوعٌ، ولاتَـرَفٌ
ولاعبيــدٌ،ولا في النــاسِ سـلطانُ
ما ذا تقولونَ ؟ هل للفكـرِ فلسـفـةٌ
في أنْ نكونَ؟وهل في الوهمِ أوطانُ؟
 


(1) شعلان أبو الجون : هوشيخ عشيرة الظوالم في الفرات الأوسط، وأحد زعماء المقاومة العراقية الوطنية ضدّ الإحتلال البريطاني سنة 1920 م.إشتهر بخصلتين ثوريتين: الأولى أنه أول مدني نفَّذ خطَّة مسلَّحة لإطلاق سراحه حين اعتقلته حكومة الإحتلال العسكرية.فاعتبره التاريخ العراقي الحديث هو مفجّر شرارة الثورة العراقية آنذاك. والثانية أنه ظلّ هو المقاوم المقاتل الأخير مع الثوار من عشيرته رغم خمود نيران المقاومة المسلحة بالهجوم البريطاني العام فاضطرت حكومة الإحتلال الى أن تبرم معاهدة معه خرج فيها مرفـوع الرأس بعد أن عجزت عن دحره ومن معه.ومن أهازيجـه الشعبية التي ردّ بها على فتوى الجهاد:"إلْ ما يتهيَّبْ مَدْ ايدَهْ"
(2) أجّت:إشتعلت.العشرين:ثورة العشرين العراقية 1920م ضد الإحتلال البريطاني.
(3) أضنته: أتعبته.
(4) الضرم: إشتعال النار.
(5) وجدا: حبَّا . أضغان : أحقاد.
(6) قرَّ: سكن. بلحد : بقبر.
(7) أقنان:عبيد.
(8) السحت: ماخبث وقبح من المكاسب كالرشوة.
(9) من هلع : من خوف.
(10) سامه خسفا : أذلَّه وأهانه.
(11) المومسات : اللائي يتعاطين الفجور. الماخور : بيت الدعارة.
(12) أرسان م رسن: الرسن هو حبل يكون في رأس الدابة للتحكم بها.
(13) إقدح بزندك : أشعل نارك. هانوا : ذلّوا.
(14) الرميثة : قرية كبيرة تقع على ضفتي فرع الفرات الأوسط في العراق. أكثر سكانها من العشائر المعروفة بالإباء وعزّة النفس. كانت ميدانا عسكريا للقتال بين قوات الإحتلال البريطاني والمقاومة الوطنية بقيادة البطل المغوار الشيخ (شعلان أبو الجون) سنة 1920م.
(15) القرامطة :هم أتباع قرمط (حمدان) والقرمطية حركة مســاواتية معارضة ، ظهرت في الكوفـــة في العـــــراق في القرن الثالث للهجرة وأقضَّت مضجع الخلافة العباســية في بغـــداد بضع سنين حتى قُضي عليها.وحمدان هو راس القرامطة. ثار في سواد الكوفة سنة 258هـ داعيا الى المساواة المعيشية وبنى مقاما سماه " دار الهجرة " فكثر أتباعه وأشياعه.
 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter