| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 15 / 8 / 2025 جمعة عبدالله كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
أضواء على زيارة علي لاريجاني : الميليشيات لا تبني دولة
جمعة عبدالله
(موقع الناس)
زيارة امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني , الى بغداد وبيروت , نجح نجاحاً باهراً في بغداد , وهو متوقع وطبيعي جداً , ان يدعم بإسناد قوي للمليشيات المسلحة التابعة الى ولاية الفقيه , ان تظل أقوى من الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية, وأن يكون قرار السلم والحرب بيدها , وإن تطل تتحكم بالقرار السياسي , وان تكون الدولة تابع ذليل وضعيف , وأن تكون ميزانية الدولة تحت تصرفها , وان تطلق يد الفساد والفاسدين بحرية مطلقة , وان يكون النهب والاختلاس في وضح النهار بعيداً جداً عن المحاسبة والمسائلة , وان يكون العراق بما يملك في جيب إيران دون مناقشة وسؤال , واخذ تعهد من الحكومة ان تلبي كل ما يطلب منها , ولا تمس المليشيات اذرع ايران بما تفعل وما تقوم به , ان تترك مقولة : نزع سلاح المليشيات وحصرها بيد الدولة , وأن على الحكومة ان تدعم وتطور قوة الفصائل المسلحة التابعة الى الحشد الشعبي في مركزية عملها , في استقلالية تامة لا يسمح للحكومة ان تتخذ اية اجراء ضدها , ولا تدخل بشؤونها لا من بعيد ولا من قريب .
زيارة لاريجاني اكدت بأن العراق يكون تابعاً الى ايران بكل شيء , وأن يقبل بالوصاية الإيرانية والهيمنة الإيرانية على العراق بشكل كلي . وأن يكون العراق ورقة التفاوض مع أمريكا لصالحها , من أجل تخفيف العقوبات والحصار الدولي المطبق على إيران ...
أما زيارة علي لاريجاني الى بيروت فقد فشلت فشلا ذريعاً , وجاءت عكس ما كان يهدف اليه , بل وضعت ايران في باب الاتهام والادانة في تدخلها في شؤون لبنان الداخلية , من مسؤولي الدولة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , ووزير الخارجية اللبنانية رفض استقبال علي لاريجاني واعتبر زيارته غير مرحب بها .لقد اختلفت الظروف كلياً , لم يعد لبنان في جيب إيران كما هو الحال مع العراق , بسبب سقوط نظام بشار الأسد الديكتاتوري , فكان الداعم الاساسي , وكانت ايران تصول وتجول في حرية كاملة , كأن سورية واقعة تحت الانتداب الإيراني ووصايته الكاملة , اغلقت كلياً منافذ الحدود بين سورية ولبنان بعد السقوط , وكانت تحت اشراف حزب الله اللبناني , في تهريب السلاح والمال , وكذلك تهريب المخدرات والكبتاغون , وكانت تدر على حزب الله اموالاً طائلة , في تدعيم قوته المالية والعسكرية والحزبية , كان حزب الله اقوى من الدولة , بل ان الدولة اللبنانية اصبحت تحت اشرافه , بحيث لا يتم اختيار رئيس الجمهورية , ورئيس الوزراء وقادة الدولة بكل الميادين , إلا بموافقة حزب الله , لكن هذه القوة والهيمنة سقطت كليا , ولم يعد يتحكم بمفاصل الدولة , بعد الهزيمة العسكرية الساحقة , التي قصمت ظهره , باشعاله حرب الاسناد مع اسرائيل , فلم يسند شعب غزة المنكوب من الوحشية الاسرائيلية , بل لم تحفظ لبنان من الهلاك والدمار , الجنوب والضاحية دمرت , وتشرد الناس من ديارهم من التدمير الهائل , ولم يعد حزب الله يستطيع ان يعوض جزء بما خسروه الناس من ممتلكات واعمال , اصبحوا مشردين , واصبح الحزب في قفص الاتهام بأنه شن حرب مدمرة مع اسرائيل دون ان يستشير الدولة اللبنانية , دون ان يحافظ على بيئته الشيعية التي تلقت الدمار والخراب , واصبح موقف حزب الله اللبناني ضعيف منكسر الظهر .
لذلك جاءت زيارة علي لاريجاني , ليرمم ما كسر من حزب الله , لكن زيارته كسرته اكثر من السابق , وحتى دفاعه عن سلاح حزب الله بعدم نزعه سقط في فراغ , بل قوبل بالاستهجان والسخرية والادانة الشعبية والرسمية , حاول حزب الله ان يستغل الزيارة ليعيد انفاسه بما خسره من الحرب الخاسرة , من خلال الاستقبال المليوني في الضاحية الجنوبية , لكي يظهر بأنه ما زال قوياً ويملك زمام المبادرة , لكن الاستقبال الفاشل بدلاً من مليونية الاستقبال , لكي يرعب الدولة والطوائف اللبنانية الاخرى , استقبله بضع عشرات حاملين الاعلام الايرانية في الضاحية الجنوبية , وسمع كلام بأن الدولة اللبنانية موجودة , ترفض التدخل في شؤونها , واتخاذ قرارتها وحدها , ولا تسمح بالتدخل من اياً كان , بل التدخل سيؤثر على العلاقات الدولية والدبلوماسية , وغادر بيروت دون وداع , بل جاءت الزيارة لتزيد الشرخ الكبير بين حركة امل الشيعية وحزب الله , ووقوف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مع الدولة , ويطلب من حزب الله الانصياع الى الدولة بتسليم سلاحه الى الجيش اللبناني بدلاً من ان تدمره اسرائيل في غاراتها اليومية على مواقع السلاح والانفاق واغتيال كوادر الحزب العسكرية بشكل يومي مستمر .