| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم المقدادي

 

 

 

الأربعاء 19/9/ 2012



إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة
(14)

د. كاظم المقدادي * 

تدني خدمات الأسعاف الفوري وسوء معاملة المرضى

تلعب خدمات الأسعاف الفوري   في الدول المتقدمة دوراً كبيراً في تقليل معدلات الوفيات عبر سرعة وصول المسعفين،خلال بضعة دقائق،ليس فقط بسيارة الأسعاف،بل وفي حالات معينة إستخدام طائرة هليكوبتر خاصة للإسعافات الفورية، وإنقاذ حياة المرضى والمصابين حيثما هم،أولآ، وأثناء نقلهم الى المستشفيات، عبر الأسعافات الفورية المتطورة على أيدي كوادر طبية مدربة ومتخصصة في هذه المهمة، وإستخدام أحدث الأجهزة الطبية والعلاجات المنقذة للحياة، وإجراء الأستشارات الطبية اللازمة، وإطلاع المسعفين على التأريخ المرضي وتفاصيله للمريض عند تطلب الأمر..

الأسعاف الفوري في العراق

ما زالت خدمات الأسعاف الفوري في العراق متخلفة ومتدنية بالمقارنة مع الدول المتقدمة، حيث تقتصر،غالباً، على نقل المريض للمستشفى، وهي موضع إنتقاد ولوم مشروع.فقبل أيام جاء في تحقيق صحفي: لو حصلت لديك حالة مرضية طارئة في البيت، والوقت متأخر، ماذا ستفعل؟  ستتصل بالإسعاف الفوري أولاً،وإن اتصلت لن يرد عليك أحد، وإن تصادف وردّ عليك أحد وأرسل الإسعاف،فان السائق سوف يعجز عن الوصول إلى عنوان بيتك لكثرة السيطرات وغلق معظم المنافذ المؤدية لأغلب الشوارع والفروع الداخلية..إذن عليك نقل المريض بسيارتك أو الاستعانة بصديق يساعدك في الذهاب إلى اقرب مستشفى، وهناك سوف تكتشف لحظة وصولك، أن الوضع الصحي وما آلت إليه مؤسساتنا الصحية من تردي وصل إلى درجة الإنهيار [1].وتأكيداً لعراقيل نقل المريض،حصل قبل أيام قلائل موت جنين في بطن أمه وبعده بيومين توفيت الأم ، بسبب منع السيارة التي كانت تقلها اثناء عملية المخاض من المرور على جسر التنومة الملاحي  في البصرة من قبل الاجهزة الامنية [2][3].الى هذا،تعاني كافة دوائر الأسعاف الفوري في العراق من النقص في سيارات الأسعاف،إضافة الى قدمها.أكد ذلك الدكتور علي محسن المنصوري- مدير عام مستشفى البصرة العام،الذي أفاد  بأنه طرح  في لقاءات عدة مع الوزير والوكيل وبعض المسؤولين الآخرين في وزارة الصحة حاجة المستشفى الى عدد أكثر من السيارات، فالملاك الآن 3 سيارات، بينما الحاجة الفعلية تصل الى 10 سيارات أسعاف، والحاجة أكثر في المناطق البعيدة التي تقع على عاتق دائرة الإسعاف الفوري.وأكد الحاجة الى سيارات إسعاف متطورة جداً وتدريب كوادر للعمل عليها وتقديم الخدمة الأفضل للمرضى [4]..

وعدا هذا،ثمة عوائق كثيرة تسبب موت المرضى.ففي يوم لم يكن به ضغط عمل كبير في غرفة الطوارئ بالمستشفى توفي طفل حديث الولادة بسبب عدم توفر الحجم المناسب من قسطرة يبلغ سعرها دولاراً واحد ،و.. يرقد مريض على ملاءة فاقداً الوعي وجراحه ملفوفة بالضمادات وهو ينتظر طيلة 12 ساعة خلوّ سرير متصل بجهاز تنفس صناعي، فما أكثر الذين على قائمة انتظار الطوارئ..همس طبيب: « قد يموت، وقد يجد سريرا».. وفي غرفة الطوارئ بمستشفى بغداد العام يشعر الأطباء بالمفارقة، حيث لديهم جهاز «توشيبا» سعره 40 ألف دولار تحت تصرفهم، بينما يموت مرضى كل يوم بسبب عدم توفر مضادات حيوية أو أجهزة علاج وقسطرة وريدية [5].ومعظم المصاعد الكهربائية للمستشفيات الحكومية خارج نطاق الخدمة او تعاني من عطل متكرر ومزمن. وهو امر مرهق جداً لا سيما لكبار السن والمرضى منهم. وقد ادى عطل احد المصاعد الى موت شابة اثناء تواجدها فيه وهي في حالة المخاض، ولم يستطع احد انقاذها [6].وقبل أيام كتب حامد الجبوري: قبل ثلاثة أشهر نقلت أحدى أقاربي لمستشفى الحلة الجمهوري وهي تشكوا من أعراض الزائدة الدودية ، وصلنا المستشفى حوالي السابعة مساءا ، بعد الفحص الأولي قرر الدكتور الجراح أنها بحاجة لإجراء العملية وبصورة سريعة ، أجرينا لها الفحوصات الأولية التي أرادها الدكتور وبقينا ننتظر أجراء العملية ، ومريضتنا تتلوى من شدة ألم الزائدة ووصلت لحد الغثيان والتقيؤ ، ونحن نترجى فلان ونستعطف الآخر دون جدوى ، ليس السبب بإهمال الدكتور ولكن السبب أن صالة العمليات الوحيدة في المستشفى مشغولة بأجراء عمليات أخرى ولمرضى ينتظرون أجراء عملياتهم لمثل هكذا حالات ، ردهة الطوارئ مكتظة بعشرات الحالات ، تسمم ، طلق ناري ، حوادث سيارات ، طعنة سكين أو طلقة متخاصمين، الكل ينتظر الدور لإجراء عملياتهم المستعجلة ، طبيب جراح مختص واحد يعاونه الأطباء المقيمون ، بعد الساعة الثالثة فجرا وحمدا لله دخلت مريضتنا لصالة العمليات وكنا نعتقد أن الزائدة الدودية انفجرت داخل أحشائها ، نقلت مريضتنا بعد العملية الى الطابق الجراحي الثالث ، المصعد الكهربائي معطل، لا بأس هناك مصعد خاص للعلميات ، هرعنا الى الطابق الثالث متسلقين السلالم ، فوجئنا أن الممرض المختص يقول أريد أمبولة ( بسكوبان ) الى المريضة ؟ ، قلنا أين نجدها قال الصيدلية الخارجية المقابلة للمستشفى ، والحمد لله تكللت العملية بالنجاح وخرجت المريضة في اليوم التالي لبيتها..وفي ليلة 28 / 29  اَب 2012  شكى أخي من ألم في بطنه ، راجع اختصاصي باطنية وكانت نتيجة التشخيص انسداد في الأمعاء ويجب الدخول الى المستشفى ، ذهبنا به لمستشفى الحلة الجمهوري الجراحي وأكد الجراح تشخيص اختصاصي الباطنية ، لا يمكن بأي حال أن نلوم الكادر الطبي لأنه متفان بعمله.. ولا يزل المصعد الكهربائي (منذ 3 أشهر) معطل.. سبحان الله، الأرصفة جديدة ، الأسيجة جديدة ، المكاتب كلها جديدة ، بناء قاعات أخرى .. سألت لماذا ؟ ، قالوا لأنه أسهل شئ لصرف المبالغ التي ترصد من وزارة الصحة هي هذا البناء الذي يصرف هباء ..أيها السادة لا نحتاج هذه الصرفيات غير المبرمجة ، نحتاج لمصاعد تستوعب الناس ، نحتاج لأكثر من صالة للعمليات ، نحتاج لأكثر من جراح خفر ، نحتاج لأكثر من صالة ولادة في مستشفى الحلة الجمهوري ، نحتاج للرفق بصرفيات التعمير ، لا نريد بناءا من الطابوق ، نحتاج بناءا للإنسان والوقوف على خدماته الصحية [7].

معاناة مضاعفة وشكاوى مريرة من سوء رعاية المرضى

سوء رعاية المريض ظاهرة صارخة.يقول المواطن محمد عبد   بان واقع مستشفى الامام علي  واقع مرير لايتحمله المواطن السليم فكيف بالمواطن المريض الذي ياتي للمستشفى من اجل العلاج فيجد عند دخوله للمستشفى فوضى عارمة، خاصة في قسم الطوارئ الذي لايأتيك احد يسألك ما بك ويتركونك تعاني لساعات دون الألفتات إليك بحجة الزحمة الحاصلة [8]. وأكدت الاعلامية حنان عبد العزيز سوء معاملة المريض بقولها: ما شاهدته في مستشفى ابن النفيس مريب للغاية خاصة في ردهة الطوارئ ، حيث الطبيبات والأطباء الذين يستقبلون المريض ويقحصونه يتعاملون باسلوب الصياح والاهانة وكأنهم لايتعاملون مع بشر.. وهناك الكثير والكثير عن ابن النفيس وغيره من المستشفيات.. اما مدينة الطب، فحدث ولاحرج، حيث اصبحت الوفيات هناك بالجملة نتيجة العمليات الفاشلة والمعيبة لجسم الانسان التي يجريها الاطباء  في ردهات الولادة والردهات الجراحية[9]..

 

الهوامش:

[1] تحقيق:إيناس طارق- "المدى"،6/8/2012                         
[2] وكالة الانباء العراقية المستقلة،23/8/2012
[3] "الفرات نيوز"، 25/8/2012. 
[4] البصرة – "طريق الشعب"، 30/8/2012
[5] ستيفاني ماكرومان، المستشفيات العراقية تشكو.. «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»، 11/5/ 2011.  
[6]
كفاخ محمد مصطفى،همسة:عراق وين طنبورة وين؟،"طريق الشعب"،3/:7/2012     
[7]
حامد كعيد الجبوري، إضاءة: مستشفى الحلة الجمهوري، (صوت العراق) |،29/8/2012
[8]
تحقيق : حيدر العمشاني-"البينة الجديدة"،18/7/2012 
[9]
المصدر السابق. 
 

* د. كاظم المقدادي -  باحث بيئي عراقي مقيم في السويد
منسق الحملة من أجل تنظيف البيئة العراقية من مخلفات الحرب وإنقاذ الضحايا

 

إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (13)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (12)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (11)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (10)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (9)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (8)

إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (7)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (6)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (5)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (4)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (3)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (2)
إنخفاض متوسط أعمار العراقيين.. الأسباب والعوامل المؤثرة (1)





 


 

free web counter