|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  3  / 10  / 2025                                 كفاح الزهاوي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

وميض في العتمة
أربع قصص قصيرة جدًا

كفاح الزهاوي
(موقع الناس)

مقدمة
في زمنٍ تتداخل فيه الحقيقة بالوهم، وتُروى القصص كما تُفبرك، يبقى للكتابة دورها في كشف ما وراء الصورة.
هذه أربع ومضات، لا تطلب من القارئ تصديقها، بل تأملها. فيها من الشجن ما يلامس الحب حين يخفت، ومن السخرية ما يفضح الزيف، ومن الرجاء ما يتشبث بالحياة ولو بقشة، ومن الألم ما يفضح خيانة الوطن حين يُباع ويُدفن.
ليست هذه القصص إجابات، بل إشارات. وميض في عتمة الواقع، حيث لا ينطفئ الضوء تمامًا، لكنه لا يُنقذ أحدًا من الظلام.

1. قشة الحياة
حين يصبح الأمل خيطًا يتشبث به القلب وسط العواصف.
كانت العواصف المتوارية تجتاح مدينة أفكاره دون استئذان، فتغرق قصائد آماله بمياه الحزن، مهدّمًًا جدران أفقه، حاجبًا عنه مديات رؤيته، كأن ضباب الليل يخفي حقيقة زيارة الريح؛ وفي غمرة الفوضى المفتعلة، تنتفض التعاسة من جوف الذكريات، فتطفو آنيّها على هامات القدر، ممسكًا بقشة الحياة كي لا تهوي في هاوية النسيان.

2. عتمة وردية
بقايا الحب حين يخفت النور ولا تنطفئ الذكرى.
تلاشت هالة الشوق تدريجيًا، حتى ابتلعتها دوامة النسيان؛ وفي الأفق، بدأت عتمة وردية تتسلل بخفة، تشوش صفاء السماء دون أن تطفئه. لم تكن تلك العتمة وليدة فراغ، بل امتدادًا لخبو نورٍ كان يومًا ساطعًا، ذلك النور، الذي حمل مكامن الشوق والعاطفة، أبى أن ينطفئ بالكامل. فترك خلفه توهجًا خافتًا، لم يكن سوى ظلال ذكرى تتشبث بما تبقى من الضوء.

3. الصفعة الأخيرة
حين تُصفع الحقيقة، لا الوجه
حدث هذا في الخيال، والطائرة ما زالت جاثمة على أرض المطار.
صفعتها المضيفة، فاهتزت الكاميرا. لا صراخ، فقط نظرات تتبادل الاتهام، والأغرب: لم يعترض أحد.
ثم قيل إنها قصة حقيقية، وأن الراكبة تملك الطائرة.
لكن أحدًا لم يسأل:
كيف صعدت بلا تذكرة؟
كيف جلست بلا إذن؟
كيف صمت الكابتن؟
وكيف بقيت المضيفة في وظيفتها.
الصفعة لم تكن على الوجه، بل على المنطق.
وفي زمن القصص المفبركة، كل شيء ممكن…
إلا الحقيقة.

4. غروب الوطن المحترق
في قيلولة الشفق، رأيت الحرائق تمتد بلا نهاية. الذكريات طفت على بحرٍ من الألم، والحلم تسلّق كتفي كالشبح. ناداني صوتٌ من جوف الفراغ: "هل نسيتهم؟"
نظرت إلى قدمي المغروستين في الأرض، كأنهما ترفضان الرحيل. الصدى يخجلني.
نعم - تضحياتهم ذهبت هباءً، واللصوص يتربعون على العدالة.
حينها فقط، أدركت أن الوطن لا ينزف… بل يُدفن.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter