| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأثنين 22 / 9 / 2025 تحسين المنذري كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
إعترافات متأخرة بحق أُغتصب مبكرا
تحسين المنذري
(موقع الناس)تتزايد الاعترافات الدولية بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، إنسجاما مع أكثر من قرار للأمم المتحدة بالاعتراف بهذا الحق ضمن حل الدولتين بالرغم من زمرة الحكم اليميني العنصري في إسرائيل وحتى من يدعون أنفسهم محور المقاومة.
لم تأتِ هذه الاعترافات بفضل سلطة فلسطينية شكلية قامت بموجب إتفاقية أوسلو والتي لم تضمن سلامة الاراضي الفلسطينية ولا أمان الشعب الفلسطيني، بل ولا حتى كل مفاصل السلطة الفلسطينية. كما لم تكن هذه الاعترافات بفضل حركة حماس لا قبل طوفان الاقصى ولا بعده حتى مع الخسائر الجسيمة التي تحملتها الحركة فهي لم تكن مؤمنة يوما بحل الدولتين. كما إن الاعترافات لم تأتِ بفضل جهد عربي دبلوماسي أو سياسي ولا بضغوط إقتصادية مارستها حكومات العرب.
لقد جاءت الاعترافات بفضل تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحقوقه المشروعة، ضاربا أروع الامثلة في التفاني والتضحية:
* حيث تتمسك العائلة الفلسطينية بحقها في الوجود بعد إعدام أحد أبنائها وتهديم دار سكناها من قبل سلطات الاحتلال العنصري، ولا تغادر الارض التي بها ولدوا ونشأوا
* إعترفت الدول حينما شاهدت مستوطنين عنصريين مدعومين من سلطة عسكرية، يسلكون شتى سبل إضطهاد أبناء الارض الفلسطينية من إغتصاب أرض وإعتداءات لا بشرية على مدنيين عزل، وحينما تمادت حكومة الاحتلال بتوزيع الاسلحة على هؤلاء المستوطنين
* تنبهت الدول الى شعب يستحق الحياة والعيش بكرامة في وطنه، حينما قامت سلطات الاحتلال بتهديم أحياء سكنية بالكامل على رؤوس سكانها وتهجيرهم نازحين ولعدة مرات داخل أراضيهم متنقلين حتى سيرا على الاقدام ولمسافات طويلة وبكل الاتجاهات الجغرافية متمسكين بكل ذرة تراب من أرض الوطن.
* إعترفت الدول حينما وجدت نظاما عنصريا فاشيا يقتل ويصيب ربع مليون إنسان دون أن يقبل شعب غزة بالهجرة الى خارج وطنهم رغم كل المغريات التي قدمتها الحكومات الفاشية في واشنطن وتل أبيب.
* الاعتراف جاء تكريما لأطفال جلسوا في خيمة لا تحتوي أي شيئ من مستلزمات الدراسة فقط لأجل مواصلة تعليمهم ولمعلمتهم التي تتفانى في تعليمهم مجانا.
* الاعتراف جاء تكريما لطواقم طبية تهدمت أبنية مستشفياتهم ونقصت كل مستلزماتهم الطبية، لكنهم بقوا متمسكين برسالتهم الانسانية ويفعلون ما يقدرون برغم الامكانيات الضئيلة والمعدومة أحيانا.
* الاعتراف جاء تضامنا مع الاسر التي تهدمت دورهم ونصبوا خياما على نفس الارض حتى مع غياب أبسط مستلزمات العيش كالماء والكهرباء والمستلزمات المعيسشية الاخرى.
* الاعترافات جاءت كإنحنائة أمام صورة طفل لم يبلغ العاشرة وهو يحمل أخته ذات الاقل من عامين ويمشي بها لا يدري الى أين لكنه يعرف إنه ينزح داخل الارض الفلسطينية وليس خارجها .
* كل إعتراف هو بمثابة رفض لمشاريع التهجير الاميركية ـ الصهيونية وبمختلف مسمياتها قسرية أو طوعية.
* الاعترافات جاءت بمثابة إدانة غير مباشرة للفاشية الصهيونية وتطرف ترامب اليميني الشعبوي.
* الاعترافات التي حصلت والتي ستحصل لاحقا ليست الحل النهائي للقضية الفلسطينية، إلا إنها خطوات متقدمة لترسيخ حل الدولتين وإجبار كل الرافضين على الرضوخ للحق الفلسطيني في العيش مستقرا وبأمان في أرضه كأي شعب آخر.