| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 3 / 10 / 2025 تحسين المنذري كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
ترامب ... المثير للجدل
تحسين المنذري
(موقع الناس)تمكن دونالد ترامب ولمرتين بإقناع الناخب الامريكي بمشاريعه رغم خلفيته الاجتماعية المتدنية خلقيا، لكن يبدو إن المجتمع الامريكي يغفر أو ربما لا يبالي بتلك السلوكيات المشينة، وكون ترامب ينتمي الى اليمين الشعبوي فلذلك كانت حملاته الانتخابية في المرتين مملوءة بالوعود الرنانة دون تقديم أية تفصيلات واضحة لكيفية تطبيق ما يوعد به، ففي المرة الاولى وعد ببناء جدار عازل بين الولايات المتحدة والمكسيك على طريقة الجدار العازل الاسرائيلي ووعد بأن يتم إستحصال كلفته من المكسيك التي رفضت ذلك بشكل قاطع مما أضطره لتأخير التنفيذ لأكثر من عامين كي يتمكن من توفير تمويلات مالية وإنتهت ولايته دون إتمام بناء الجدار والذي أوقفه بايدن لاحقا.
في الفترة الثانية كان أهم وعد إنتخابي له هو إنهاء الحرب الروسية ـ الاوكرانية خلال 24 ساعة !! لكنه مضى على رئاسته قرابة التسعة أشهر والى الان لم يستطع إيقاف القتال ولو لسويعات، وكذا الحال مع غزة الذي وعد بتسوية مشكلتها سريعا، إلا إنه فاجأ الجميع بمقترحه المشين القاضي بترحيل كل سكان غزة، هذا المقترح لم يستطع حتى الاستمرار بطرحه أو إنه ربما يكون قد تراجع عنه لما لاقاه من رفض دولي وإقليمي ومن قبل سكان غزة أنفسهم رغم الحرب والدمار.
ترامب المصاب بنرجسية حادة جدا يحاول في كل ظهور علني أن يمتدح ذاته ويعدد لنفسه منجزات يراها هو رائعة، هذه الصفة الاكثر إستخداما من قبله ولكل شيئ بغض النظر عن قيمته وجدواه. يحاول دائما تصدر المشهد فرفع شعار أمريكا العظمى وإتخذ سبلا هوجاء لتطبيقه كانت في مقدمتها قرارات الرسوم الكمركية التي ستنعكس لاحقا سلبا على المواطن الامريكي فالشركات المستوردة لن ترضى بتقليل أرباحها مما يدفعها لرفع أسعارها بمقدار نسب الرسوم التي تدفعها وهذا ما ينعكس سلبا على مدخولات المواطنين والتي بدأت بالفعل زيادة أسعار السلع المستوردة من أوربا. ترامب الذي يدعي إنه يسعى لزيادة المداخيل الفيدرالية وتقليل حجم الديون يتخذ قرارا بتغيير إسم وزارة الدفاع الى وزارة الحرب، القرار ذو الابعاد العميقة على مستوى السياسة الستراتيجية للولايات المتحدة، لكن هناك مصاريف قد تغيب عن المتابع وهي حسب خبراء أميركيين ستكلف الميزانية الفيدرالية مليارات عدة والذين ساقوا مثالا بسيطا وهو تغيير أختام الوزراة المنتشرة في كل القواعد الاميركية في العالم حيث يبلغ تعداد هذه الاختام أكثر من سبعمائة ألف ختم (700 ألف) فلو إفترضنا إن كلفة تغيير الختم الواحد كحد أدنى فقط خمسة دولارات فستكون الكلفة الكلية لتغيير الاختام هو ثلاثة مليارات وخمسمائة مليون دولار أميركي !!! عدا بقية ترتيبات التغيير الاخرى.
وبحكم كونه يمينيا شعبويا فهو عنصريا بالضرورة لذلك رفع شعار لا للهجرة وباشر فور تسلمه منصبه الى إتخاذ قرارات ترحيل المهاجرين وخاصة من دول أميركا اللاتينية التي ساهمت الولايات المتحدة نفسها في تدمير إقتصادياتها وتعطيل نموها، فقام بإنشاء سجن لإحتجاز المهاجرين قبيل ترحيلهم سمي (سجن التمساح) في ولاية فلوريدا، فستحيط بالسجن أحواض تماسيح وحقول ثعابين من كل جهات السجن الخارجية لمنع هروب المحتجزين.
مازالت قرارات ترامب وتصريحاته تثير ليس الجدل فحسب بل وحتى الاشمئزاز، فهو يشكل ظاهرة صوتية أكثر منه ظاهرة سياسية، فإن نجح بتسويق نفسه عن طريق خطابه الشعبوي خلال حملته الانتخابية، فإن النجاح سوف لن يرافقه وهو في الحكم وهاهي الحكومة قد تم إغلاقها بسبب فشله في إقناع الديمقراطيين في الكونغرنس بميزانيته المقترحة والتي أشار الديمقراطيون الى إن رفضهم لها جاء لعدة أسباب أهمها الرسوم الكمركية التي فرضها ترامب على السلع المستوردة، لذلك فمن المحتمل أن يفقد ترامب شعبيته التي إكتسبها خلال الحملة الانتخابية وذلك على شكل مجاميع متضررة وربما بفترات زمنية متفاوتة.
ترامب الدكتاتور .... وغزة
في جلسة له مع بعض من أعضاء حكومته ومؤيديه بثتها عدة فضائيات، عبر ترامب عن رغبته بالتحول الى دكتاتور فلا كونغرنس يعترض ولا قضاء يوقف تنفيذ قراراته، كما عبر عن ذلك، لكن يبدو إن صرامة القوانين الاميركية تمنعه من تحقيق طموحه هذا، لذلك وجد في غزة ضالته، فمقترحه بإيقاف العدوان الاسرائيلي يقتضي تشكيل مجلس أعلى يترأسه هو ، وهنا لا برلمان يمنع ولا قضاء يعترض ولا يوجد قانون يحدد تصرفاته ورغباته ولا أحد يعرف الى متى وكيف سينتهي الامر بغزة وترامب يرأس مجلسا يدير شؤونها !! هكذا يتصور ترامب الامور وهكذا يتمنى .