|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  7 / 12 / 2024                             وردا البيلاتي                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

رسالة إعتذار

وردا البيلاتي
(موقع الناس)


إلى المرأة الكردستانية وجميع نساء القرى الكردية والآشورية والكلدانية
إلى الأم، الأخت، الزوجة، والابنة الكردستانية،

أنا ملازم أبو ميسون، أحد أنصار الحزب الشيوعي العراقي، ممن حملوا السلاح دفاعًا عن قضية الشعب الكردي وحقوقه العادلة، ومن عاش تفاصيل الكفاح المسلح منذ آذار 1979 وحتى كارثة الأنفال وما تلاها من نزوح إلى مخيمات تركيا.

أكتب هذه الرسالة محملاً بعبء الذكريات ومرارة الاعتراف. أنتنَّ، النساء اللواتي في الخطوط الخلفية ، لكنكنَّ في صميم النضال، دفعتن ثمنًا باهظًا، من أرواح أحبائكن، ومن راحة أجسادكن، ومن استقرار حياتكن.

أتذكر تلك الأيام القاسية في الجبال والوديان، وكيف كنتنَّ تقفن بجانبنا كعمود صلب يحمل عبء النضال. هل يمكنني أن أنسى الأم الريفية التي كانت تنهض مع الفجر لتخبز لنا خبزًا ساخنًا تحت المطر أو الثلج؟ أو تلك التي كانت تقدم لنا نصائحها الأمومية البسيطة، مثل تقشير الخوخ لتجنب المرض؟

لا أنسى أيضًا نساء القرى وهنَّ يواجهن ظروف الحصار والجوع، لكنهن كن يقدمن لنا الطعام بابتسامة دافئة وكأننا أبناؤهن. يومها كنت أقول لنفسي: "أي معدن من القوة والكرامة تُصنع منه هذه النساء"

ومع ذلك، أعترف بحزن عميق أننا، كمقاتلين وكحركة، لم نستطع تقديم ما يكفي لكنَّ مقابل ما قدمتن من دعم وتضحيات. وها نحن اليوم، نرى من تعلموا في الخارج ويتقلدون زمام الحكم، بينما أنتنَّ، اللاتي حملتن عبء النضال معنا، لا تزال أصواتكن في الخلف، لا تجد صدى يكافئ ما قمتن به.

أنا أشعر بغصة لزوجة الشهيد التي لم تتسلم راتبها طوال الأشهر الثلاثة الماضية في إقليم كردستان. أهذه هي العدالة التي وعدنا بها؟ كيف يمكن لمن ضحين بالكثير أن يعشن تحت وطأة هذا الظلم؟

إني أقدم لكنَّ هذه الرسالة، ليس فقط اعتذارًا، بل عهدًا. عهد بأن تُذكر أسماؤكن بكل فخر في صفحات التاريخ، وأن تظل أفعالكن وصمودكن مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق العدالة والحرية.

شكرًا لكل امرأة كردستانية، آشورية، أو كلدانية، لكل أم وأخت وزوجة وابنة حملت النضال في قلبها ودفعت الثمن من أجلنا جميعًا.


ملازم أبو ميسون
من جبال كردستان إلى الذاكرة الخالدة
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter