|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  25  / 9  / 2025                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العمائم بين القداسة والدمار ..
مشاريع إمبراطورية العمائم الأقتصادية في العراق مثالا

زكي رضا
(موقع الناس) 

لم يكن إرتداء العمامة في العراق يوما عيبا خصوصا في العهد البعثي "المنهار"، لكنّ بعضها القليل كانت تحمل هذا العيب كوسام فخر وهي تشارك بفتاواها، إغتيال ثورة الرابع عشر تموز التي وبإغتيالها فُتِخت على بلدنا وشعبنا أبواب جهنم التي لم تُغلق لليوم. بل على العكس فالعمامة وقبل الإحتلال الأمريكي للبلاد كانت رمزا للتقوى ومنبرا للوعظ. لكن حينما تتحول "العمامة" من منبر للوعظ الى منصّة للسلطة والمال، علينا التساؤل وهذا من حقنا، إن كان ما يحدث في بلدنا من جرائم ناتج عن تديّن حقيقي أم تديّن ظاهري كاذب مستغلّا الدين لغياب وعي شرائح واسعة من أبناء شعبنا نتيجة الحصار أو الحروب الخارجية والداخلية، ومنها الحرب الطائفيّة التي كان للعمامة عند الطائفتين دورا كبيرا في إندلاعها.

الفرق بين العمامة عهد البعث "المقبور" والعمامة ما بعد التاسع من نيسان 2003 ،تجذّر بشكل واضح وجلي. فالأحتلال فتح الباب على مصراعيه أمام صعود العمائم السياسية، لا كمرجعية روحية ودينية، بل كقوّة مالية ضخمة ودور سياسي أضخم. وأصبح بعضها زعماء كارتلات مالية تسيطر على المشاريع الأستثمارية، والعقارات والجامعات والمدارس والمستشفيات ، بل حتّى الميليشيات.

ففي ظل غياب الدولة الحقيقية أو تواطئها، حصلت المؤسسات الدينية كالوقفين السنّي والشيعي، والعتبات العَلَوية والحسينية والعباسية وعتبتي الكاظمية والعسكرية في سامراء وغيرها ، على أراض بالمجان تحت شعار "الوقف" أو "الخدمة الدينية"، لتقام عليها مشاريع تدرّ عليها أرباحا بمئات ملايين الدولارات سنويا، أرباحا صافية خالية من الضرائب! وليس هناك من يجرؤ على مراقبة هذه الأموال، أو يقوم بمحاسبة أصحاب هذه الكارتلات، كون هذه الأموال محصّنة بالقداسة. وكل من ينتقد هذه "القداسة" فهو ضد الدين والمذهب والمرجعية.

إنّ المستشفيات "الخيرية" والجامعات والمدارس الأهليّة ، والأسواق والمولات والفنادق والمطاعم التابعة للعتبة الفلانيّة أو المؤسسة الدينية الفلانيّة، مسجلّة كـ "خدمة عامّة" رغم أنها مشاريع ذات أرباح خيالية، فالمواطن لا يعرف شيئا عن ميزانياتها بغياب المحاسبة والشفافيّة. وهذا الأمر هو شكل من أشكال الأقتصاد الموازي الذي يسرق من الدولة، بعلمها وقبولها، بل وبتيسير أمورها!!

لذا نرى الدولة اليوم مفلسة، وهذه العتبات والمؤسسات الدينية فاحشة الثراء، في الوقت الذي يعاني في المواطن العراقي من أنقطاع يومي للكهرباء، وسوء التعليم، وتردّي حال القطاع الصحّي وغيرها من المشاكل التي تعصف بالبلاد، بينما وفي الجهة المقابلة نرى نموا بلا حدود لهذه الأمبراطوريات المالية ، دون أن يسألها أحد من أين لك هذا. ومن يسألها ، الدولة والبرلمان، وهم من علينا سؤالهم، من أين لكم هذا؟ إن أصحاب الكارتلات هذه يمنعون الإعلام من الأقتراب لهذه المؤسسات ، ويُرهبون الناشطون ويشيطنون كل دعوة لفصل الدين عن السياسة والمال.

لسنا ضد العمامة كرمز ديني، بل ضد إستغلالها لقدسيتها في بناء إمبراطوريات مالية على أنقاض وطن مدمر ومنهوب، وعلى العراقيين وهم يتوجهون الى صناديق الإقتراع بتاريخ 11 تشرين ثاني 2025 القادم، إختيار واحد من إثنين، إمّا دولة تُحكم من خلال القانون وفصل الدين عن المال والسياسة ، أو أن يبقوا أسارى قداسة كاذبة، تُلبس المال والفساد والطائفية عباءة الدين.ِ

 


الدنمارك  25/9/2025

 



 
















 


 








 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter