الصفحة الثقافية
الثلاثاء 20/6/ 2006
قراءات متقاطعة ( حول رسالة ألكاتب والزميل مُثنى حميد مجيد )
دانا جلالعَرفتُ الكاتب والزميل مثنى حميد مجيد من خلال نِِتاجاته في الحوار المتمدن الذي جمعنا حيناً ، ومن منطلقات الحوار الذي يهدف إلى كشف الحقائق ، بعيداً عن بلانكية أو باكُونية تُجدد نفسها بأشكال أخرى، فأن إعادة كتابة بعض فقرات حوارنا مع الزميل رزاق عبود قد تكون ضرورية ، وخاصة بعد لجوء البعض إلى استخدام الأسلوب البروكسيتي في التعامل مع النص أو الوقوع في وهم الاستِهداف من قِبَل قوى الإنس وطاقات الجن لتصل عِندَ أحدِهم إلى درجة إتهام دول و قوى عظمى بمحاولة إسكات صوته، بعد أن اخبره المحرر بعدم إمكانية فتح الملف المُرسَل . وتم حل المشكلة رغم المؤامرات الإمبريالية بعد أن أخَذ بنصيحة المحرر بتغيير عنوان الملف إلى اللغة الإنكليزية .
وبعيداً عن المحاولات البائسة التي تعمل على إشاعة مفهوم المؤامرة التي كانت وراء آلية عمل اللجنة التحضيرية لاتحاد الكتاب العراقيين في السويد ، فانه من غير الواقعي و المنطقي الادعاء بان مسيرة عمل اللجنة كانت بدرجة الكمال فلا مُطلق عدا (الحركة) ، وادعاء الكمال تأكيد إضافي باستحالته ، لذا فان اللجنة التحضيرية لاتحاد الكتاب العراقيين في السويد قد أكدت تلك الحقيقة (- إن اللجنة التحضيرية وفي كلمتها التي ألقاها الزميل محمد المنصور أكدت إنها تعتذر عن أي خطأ ) . ورغم ذلك فأن البعض يريد ولغاية في نفس يعقوب ، أن يقرأ النصوص بطريقة الكلمات المتقاطعة في عملية إنتاج جديدة لأسلوبِ التَعامل إلانتقائي و إلالغائي مع الحدث التأريخي من خلال اللجوء إلى الملآذات الآمنة والمتمثلة بعهدة الراوي، وان تطلب الأمر باغتيال الراوي لامتلاك حرية كتابة التاريخ بأسلوبه الأموي .
إن التعامل مع النص أو الراوي كان أحد أهم الإشكالات المعرفية في مُشترك ثقافاتنا التي مازالت مُتبعة من قبل البعض رغم دخولنا عصر المعلوماتية التي فَرضت أساليب جديدة في التعامل مع التاريخ الذي لم يُولد بَعد . ومن تلك الأساليب تشويه النص من خلال تجزئتها على طريقة أصحاب الأصابع التي لا تعرف غير الاتهام ، والمُشَرعين ألذينَ لا يعرفون غير التكفير ، وذلك بالتوقف عند ( لا اله ) و عدم قراءة أو سماع ما بعدها .
ففي مقالة لزميلنا الكاتب مثنى حميد مجيد في تناوله للمؤتمر التأسيسي لاتحاد الكتاب العراقيين في السويد ، حاول أن يرسم الخنادق ويوزع الأدوار ويعطي الهويات ، فاختارَ لِنَفسه هوية نرفضها له، لأنه اكبر وأنبل منها ، حيث صور الأمور وكأنه المتهم في وطنيته لمجرد عدم مشاركته أعمال المؤتمر.
ولكن لِمَ اختار زميلنا هذا الوصف وأدعى إنها من توصيفاتنا ؟
ولماذا اختار طريقة القراءة المتقاطعة لمقالتنا في ردنا على الزميل رزاق عبود ؟
لماذا يفهم زميلنا عمل وجهد اتحاد يضم القزح العراقي بأنه مُحاصصة مقيتة؟
ما هي الأدلة التي يملكها بتدخل السفارة بوضع التابو على بعض الكتاب ؟
وما الذي يُزعجه في قولنا وتأكيدنا بعدم توجيه الدعوة إلى كتاب ولدوا من فوهة البندقية الفاشية وكانوا زنادها في ساحة الصراع الفكري والثقافي ؟
وهل حوار القتلة بمستوى محاورة اللصوص ؟
إني اطلب من زميلي إعادة قراءة ما كتبناه بدلا من اتهام ذاته في عميلة يقصد من خلالها اتهام الآخرين ، حيث كتب (هل أنت وطني يامثنى وفقآ لمعايير الأخ دانا جلال ؟ )
هل تدرك ـ ما أدركه السفير العراقي د. أحمد بامرني وما لم يدركه أعداء العراق ـ كما يقول الأخ دانا ؟ )
فقراءة لما كتبناه ، ولكن ليست بطريقة الكلمات المتقاطعة تؤكد إن حديثنا عن أعداء العراق كان في سياق تناولنا لواجب السفارة بدعم الجالية العراقية ، وان أعداء العراق لا يريدون للسفارة أن تقوم بواجباتها ، بل يحلمون بعودة السوط والمخبر السري لسفارات العراق ، لأنهم وببساطة أما كانوا امتداداً لها ، وفي أفضل الأحوال ليس لديهم القدرة على استيعاب التغيرات الحاصلة في الوطن ، والسفارات امتداد لتغيرات الداخل .
(- إن سفارة العراق وبغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني للسفير تعتبر ممثلة الحكومة العراقية المنتخبة بشكل شرعي ، وان الدعم التي تتلقاها الجمعيات واِلاتحادات العراقية في المملكة يعتبر حقا من حقوق الجالية العراقية وهذا ما أدركه السفير العراقي د. احمد بامرني وما لم يدركه أعداء العراق ) . إن زميلنا كان بحاجة لقراءة وكتابة متقاطعة كي يربط النص وبما يتلاءم مع التهمة التي ابتكرها لِذاته والركون في زاوية حرجة لا تؤدي إلى إدامة الحوار البناء. والغريب إن زميلنا يستمر بتقاطع القراءة ليضع نفسه ولأسباب مازالت مجهولة ضمن قائمة المسدس والزيتوني . فتأكيد اللجنة بان المدعوين لا يمثلون كل الكتاب في المملكة ، كان كافيا كي لا يفسر الأمور بشكل مغاير ويضع نفسه قسرا في القائمة الزيتونية.
أما كتابته لمقالة ضد السيد المالكي أو كونداليزا رايس ليست بخيانة كما حاول أن يسوقها ، لان زميلنا يدرك إن اغلب ولا نجازف إن قلنا كل المندوبين كان لهم دور مُشَرِف في النضال السياسي والفكري ضد كافة أشكال القمع والتبعية وأنصاف الحرية .
أما تهمة المُحاصصة التي طرحتها القوى التي ادعت بأنها ( مهمشة ) بعد الانتخابات العراقية الأولى فإنها كانت وتبقى بعيدة عن عمل الكتاب العراقيين أينما كانوا ، واعتبار مشاركة الطيف العراقي الجميل في اتحاد أو منظمة عراقية بأنها محاصصة ، هي بداية لغرس هذا المفهوم والأسلوب المقيت .
ويحاول زميلنا أن يُقارب ويُطابق ما بين حوار اللصوص ومحاورة القتلة من خلال ذكره لتجربة ستالينية أدت إلى كسب عدد من اللصوص إلى حزب الطبقة . وبغض النظر عن التجربة الستالينية التي أدت إلى الديماغوجية و الخواء الفكري ، ومن ثم انهيار ما كان يَعتَبِره البعض انهيارا للنظام والفكر الاشتراكي، فان استنساخ التجربة وتوظيفها بعد قراءة متقاطعة لها ليست بعملية ناجعة ، فشتان مابين اللصوص والقتلة .
وفي دفاعه عن ضرورة فتح الحوار وفسح المجال لكتاب ولدوا من رحم الثقافة الفاشية وساهموا في ترسيخ تلك الثقافة يستشهد زميلنا بمحاولات الرئيس العراقي فتح قنوات الاتصال والحوار مع حملة المسدس متناسيا إن دور الكتاب يختلف عن مهام الساسة ، فليس من مهام وأهداف الكاتب التحول إلى امتداد ثقافي لسياسات الرئيس أو رئيس وزراء العراق وبالذات في تعامله مع حملة المسدس وثقافة الزيتوني ، لان السياسة فن التعامل مع الممكن والمتحرك ، أما عالم الثقافة والفكر فانه عالم الحلم الذي يكتشف أحلاما جديدة بعد التحقق ، وهذا كان سبب انتحار مايكوفسكي الذي لُقب بشاعر ثورة أكتوبر الاشتراكية. ولان الكاتب والفنان يرفض الواقع ويبحث عن الحلم ، كان حُلمنا بِتَجمع يضم قزح العراق وحبه ، نحمل فيها هوية الإنسان الذي بدأ من العراق .
ونبعث بباقات زهور وكلمات معبقة باسمك ياعراق ، حتى للذين يقرأون بطرق متقاطعة ، لأنها لا تهدف بالضرورة إلى خلق خنادق متقاطعة .