الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأثنين 24/12/ 2007

 

آنا سيغرز
( 1900 - 1983)

ممتاز كريدي - عن الالمانية
روائية المانية اشتهرت عالميا بروايتها " الصليب السابع " 1942التي جعلت منها هوليود فيلما بنفس العنوان والرواية تصف صمود القوى المناهضة للفاشية الالمانية .
هنريك من بروكسل " عنوان الحكاية التالية وهي من مجموعة حكايات يرويها اشخاص من بلدان مختلفة قال هنريك :
" بدأت بالتفكير عندما بلغت الاربعين . رأيت اول فلاح قتيل في استرمادورا *. كان منكفأ على وجهه برصاصة في ظهره. قال لي الضابط الذي كان يرافقني: " قلّ عدد الحمر واحدا‘كنت ذهبت الى الحرب الاسبانية الاهلية مراسلا لصحيفة تصدر في بروكسل مرافقا لجيش فرانكو.
في عائلتي عدد كبير من رجال الدين. بقيت فترة طويلة لا اعرف فيما ادرس مادة التاريخ او اللاهوت. بعد ان زرت مدريد ورأيت متحف برادو درست تاريخ وفن اسبانيا. قبل الحرب الاهلية كنت اسافر كثيرا الى اسبانيا ‘هناك تعرفت على القرى النائية ولم اتعرف عليها تماما ‘ فتشت فيها عن قطع فنية ‘ اثارني جمال الطبيعة والناس مثل صور الناس والطبيعة. الفت كثيرا من الكتب ‘ نالت الاعجاب وترجمت.
عندما اندلعت الحرب الاهلية قبلت عرضا تقدمت به احدى الصحف التي توجهت لي لاعتباري شخصا يعرف البلد ولغته بصورة جيدة.
هكذا عدت مرة اخرى الى طبيعة مألوفة بالنسبة لي. قلبنا الميت. كان وجهه مهيبا وقاسي الملامح ومتسخا ‘ سألت نفسي : ما سبب موته ؟
لم اتوقف عن التفكير . الفلاح الميت جعلني افكر بالمسألة الفلاحية ‘ والارض التي وسخت وجهه حدت بي للتفكير بتوزيع الاراضي . كما انني لم اتوقف عن التفكير بطرح الاسئلة. لكن الاجوبة التي تلقيتها اراحت في البداية ضميري ‘ وفي تقاريري الى الصحيفة ارحت بنفس الاجوبة ضمائر القراء. ذهبنا الى مدينة باداخوث. القصور والبساتين التي احتلها الجمهوريون وصادروها بادئ الامراعيدت الى اصحابها. ساد المدينة هدوء مطبق غير ان الكنائس كانت تغص بالناس .ٍ سألت :" هذه المدينة كانت حمراء ‘ فكيف اذن تغص الكنائس هنا بالزوار؟ اجاب مرافقي : " لان هؤلاء الناس يعرفون انهم سيموتون لامحالة ‘ قريبا."
ليلا جرى تمشيط المدينة بحثا عن المشتبه بهم. اعتقل الكثيرون وسيقوا الى حلبة مصارعة الثيران ‘ نساء ورجال.
جلسنا على مصاطب المتفرجين. في الاسفل نصبوا مدافع رشاشة قبالة السجناء. ارتجفت كالورقة. سألت "ما تصنعون بهولاء الناس ؟" الجواب على سؤالي : " انهم ديدان لابد من القضاء عليها."
عند بدء طقطقة الرصاص قفزت عاليا واعادوني الى مكاني. لكن الواقفين تحت في الحلبة لم يرتجفوا. تقدموا ببرود يجابهون الموت المحتم ‘ سقط صف وحل محله الصف الذي تلاه ‘ تماما كسابقه منتصبا ومتمالك الاعصاب.
بعد ذلك اضحت الحلبة خاوية ‘ اذ سحلوا الاموات خارج الحلبة. قشريرة برد ألمت بي وانا في الشمس التي تألقت على الرمل وعلى كتافيات البدل العسكرية المحيطة بي . تأبط مرافقي ذراعي وعدنا الى القلعة المخصصة لاقامتنا. اثناء سفرنا تراجعت الجموع من امامنا. وهذا ما جعل مرافقي يبتسم غير انني احسست بالنظرات المصوبة نحوي مثل قشرة من كراهية واشمئزاز. انتصب الحراس امام القصر واوصدت ابواب الحديقة وكان هناك من يجمع حوائج اطفال ولافتات ‘ فقد كان من المقرر افتتاح بيت للنقاهة هناك. عاد المالك بمعية جيش فرانكو. اغلقت علي باب غرفتي . وسمعت المدعوين وهم يتنادمون تحت في القاعة . من ترى يستطيع ان يكدر عليهم صفو الاحتفال ؟
كتبت تقريري لكنه كان تقريرا لم تنشره الصحيفة ‘ لابد وان هناك من اقتنصه ‘ فقد نشر في صحيفة اخرى.
اعتقلوني وحبسوني. انقذني قنصلنا بعد جهد كبير. في السنة التالية رجعت الى اسبانيا.الى صفوف الفلاح
القتيل.

*
استرمادورا مقاطعة في وسط اسبانيا

 


 

Counters