الصفحة الثقافية
الخميس 27/3/ 2008
داود أمين:
الوضع المسرحي لا يسر فالأعمال قليلة ومتباعدة والجمهور خائف ومتردد!!!
العملية معقدة ومشكلة المسرح هي مشكلة فرعية ترتبط بالوضع السياسي وموازين القوى
الأخوة الأعزاء في ( ألواح بابلية )
تحية حارة
شكراً لرسالتكم لي بالرغم من أني أعتبر نفسي الآن ( مسرحياً متقاعداً) إذ لم يتسنَ لي ممارسة هذا الفن الجميل منذ أكثر من عقدين ، ومع ذلك سأجيب عن أسئلتكم الهامة والحيوية :
* كلمتك التي توجهها إلى المسرحيين العراقيين في يوم المسرح العالمي؟ هل ستكتفي بكلمة تحية أو حتى تلتزم الصمت بالمناسبة؟
- الكلمة التي أوجهها للمسرحيين العراقيين في يوم المسرح العالمي، هي مزيد من العمل والتحدي رغم إدراكي للظروف الأمنية الصعبة، وأيضاً لسيادة الجهل والتخلف، والنفوذ الذي تتمتع به هذه القوى الجاهلة والمتخلفة في السلطة والمشهد السياسي عموماً! ولكن ليس أمام المسرحيين سوى كسر حاجز الحصار غير المعلن (من قبل السلطة وقطاعات غير قليلة من المجتمع) على فنهم ونشاطهم، وإستخدام مختلف الوسائل، وأعتقد أن وحدة المسرحيين وتعاونهم وتماسكهم هي واحدة من مقومات النهوض للحركة المسرحية العراقية، إن استخدام المضامين الوطنية والإنسانية العامة والدعوة للوحدة الوطنية والتأخي لا يمكن أن يجهر في عدائها البعض، حتى لو كرهوا وحاربوا هذا الفن ولذلك من الضروري أن يشتغل المسرحيون في هذه المساحة المحايدة والجامعة للكثيرين، وأعتقد أن الغمامة الحالية ستزول ولكن ليس بسرعة ولا سهولة !
* من تريد أن تخصه بالتحية من المسرحيين العراقيين أو غيرهم ولماذا؟
- تحيتي عامة للجميع، فالمسرحيون العراقيون إخوتي وزملائي، وإذا كان لابد من التخصيص، فأوجه التحية لآصدقائي من المسرحيين لحازم ناجي وصالح البدري وزكي عطا وبهجت الجبوري وكاظم إبراهيم وإيمان خضر ومحمد مبدر وأحمد موسى وراجي عبد الله وحسين نعمة وعبد المطلب السنيد وحكمت داود وعبد الرزاق سكر وأسعد راشد وطارق هاشم وحيدر أبو حيدر وهادي الخزاعي ورياض محمد ولطيف صالح وسلام الصكر ونضال عبد الكريم وإسماعيل خليل وسهام علوان وعدنان شلاش ويقظان الدرويش وكاظم صالح وطه رشيد وعشرات غيرهم من الذين عملت معهم في الوطن والغربة ، وتحية خاصة لآرواح أصدقائي الذين خسرهم المسرح العراقي وهم عزيز عبد الصاحب ومهدي السماوي وزينب وكاظم العبودي وعدنان وعادل عبد الصاحب وعوني كرومي .
* ماذا تتذكر في هذا اليوم؟
- أتذكر في هذا اليوم كل الوجوه الحبيبة التي عملت معها في النصف الثاني من الستينات والسبعينات ، وألآعمال المتميزة التي قدمناها في الناصرية والمدن التابعة لها وفي البصرة أيام المسرح العالمي أعوام 1970 و1971 ، والمتعة التي كانت تغمرنا ساعات العروض وتحضيراتها ونتائجها . وأتذكر أيضاً أعمالنا المميزة في اليمن الديمقراطية مع الفقيدة زينب والفقيد المحامي هاشم صاحب ، الذي تبادل معي دور الراوي في مسرحية ( مغامرة رأس المملوك جابر ) .
* كيف ستمضي يوم المسرح؟
- سأمضي هذا اليوم في إدارة ندوة في كوبنهاكن عن المسرح العراقي يحاضر فيها الفنان لطيف حسن، مع عرض لمسرحية ( البرقية ) من إعداد وإخراج الفنان حيدر أبو حيدر، كما أساهم في كتابة مادة عن المسرح في الناصرية لملف عن يوم المسرح العالمي سينشر في طريق الشعب .
* ماذا تتمنى في هذا اليوم شخصيا؟
- أتمنى أن أعود مجدداً للتمثيل على مسارح الناصرية .
* ماذا تتمنى في هذا اليوم للمسرحيين والمسرح؟
- أتمنى المواصلة والتقدم وأن يعود المسرح العراقي لازدهاره وتقدمه وريادته، وأن يعيش المسرحيون بأمان وبوضع إقتصادي يليق بدورهم ومهمتهم النبيلة .
* كيف ترى الوضع المسرحي في العراق اليوم؟
- الوضع المسرحي لا يسر فالأعمال قليلة ومتباعدة والجمهور خائف ومتردد، وازدهار المسرح مرتبط بالأمان وبإستتباب الوضع عموماً، في أسبوع المدى في أربيل شاهدت عام 2006 أعمالاً جميلة وواعدة ، وسمعت عن مشاركات للمسرح العراقي في الخارج جيدة أيضاً، ولكنها تظل نقاط متباعدة ، وما نريده هو مسرح دائم ومتواصل ومتطور ..
* ما هي أبرز المشاكل التي تجابه المسرحيين العراقيين اليوم؟ في الوطن وفي المهجر؟
- أبرز مشاكل المسرح في الوطن تتركز في نقطتين رئيسيتين وهما:
أ - الوضع الأمني غير المستقر ، والذي لا يعطي فرصة مناسبة للمسرحي كي يتدرب بهدوء وإطمئنان وفي الوقت المناسب ! وفي نفس الوقت لا يمنح الفرصة للجمهور كي يشاهد العرض المسرحي ، المؤسف إن كلمة (أمسيات) التي إعتدنا عليها طوال حياتنا تحولت الآن ل ( إصبوحات ! ) وذلك بسبب الوضع الآمني .
ب - سيادة الأفكار والمفاهيم الظلامية والسلفية والطائفية ، على مستوى المتنفذين في السلطة وأصحاب القرار ، وعلى مستوى المجتمع أيضاً ، والنظر بإزدراء وربما بدونية للمسرح ودوره وللعاملين فيه ، بل للثقافة عموماً وإلا كيف يمكن تفسير وضع ضابط شرطة وإمام مسجد متهم بالقتل وزيرا للثقافة !؟
طبعاً هناك الكثير من المشاكل الثانوية المتعلقة بغياب النصوص المناسبة وإنعدام المسارح ، وقلة التخصيصات للمسرح ، وغياب المهرجانات القطرية الخاصة بالمسرح ... الخ
أما المسرح في الخارج ، فعدا النشاط المتميز والمتواصل للمخرج جواد الأسدي ( ولا يمكن اعتبار أعماله عراقية ، فهو عادة يعمل بكادر عربي من سوريا أو لبنان أو الأردن ) أقول عدا جواد فإن المسرحيين العراقيين متباعدين في أعمالهم ، والسبب في رأيي هو التباعد المكاني فيما بينهم ، وكذلك غياب الجمهور العراقي ، فأوسع جمهور في الغربة ربما تكفيه ثلاثة أيام عرض فقط ! هناك نشاطات متفرقة ، ولكن يثمن أصحابها ، الملاحظ إن عدداً من المسرحيين العراقيين اندمجوا في بلدان الغربة التي يعيشون فيها وفي التجربة المسرحية لهذه البلدان ، أذكر منهم رياض محمد وسهام علوان وحازم كمال الدين وأنوار البياتي وغيرهم .
* ما الحلول التي تقترحها لتحريك أو تفعيل النشاط المسرحي؟ في الوطن وفي المهجر؟
- الحلول لا تتعلق بمقترحات أو وصايا فالوضع الأمني لا يحل باقتراح ، العملية معقدة ومشكلة المسرح هي مشكلة فرعية ترتبط بالوضع السياسي وموازين القوى ، ونتائج الحراك الدائر الآن في الساحة السياسية الخ .
* كيف ترى الطاقات الشابة الجديدة في المسرح؟
- ثقتي بالعراقيين كبيرة وأنا أعتقد أن شعبنا يلد الإبداع على الدوام ولن يكون عاقراً ولا ميتاً ، لذلك أعتقد إن طاقات وإبداعات هائلة ستتفجر ما أن تزال غمة الآرهاب ومفاهيم المحاصصة والطائفية والتخلف .
* كيف تقيم التجربة المسرحية في إطار مشاركة المجتمع الدنماركي لغته وثقافته ومناهجه الإبداعية المسرحية؟
- المسرح العراقي في المهجر الدانماركي
يمكن القول أن هناك نوعان من أشكال العمل المسرحي العراقي في الدنمارك ، النوع الآول وهو ألاغلب والآعم ، ذاك المقدم باللغة العربية والموجه للجالية العراقية والعربية عموماً في الدنمارك ، وقد ساهم في تقديم هذا النوع من الاعمال مسرحيون عراقيون يعيشون في الدنمارك وأخرون جاءوا من بلدان مختلفة ، ومن بين الذين يعيشون في الدنمارك وقدموا أعمالاً بالعربية الفنان ( طارق هاشم ) الذي قدم العديد من الاعمال المسرحية الهامة وكذلك الدكتور( فاضل السوداني ) ألذي قدم مسرحية ( فان كوخ ) والفنان ( حيدر أبو حيدر ) الذي قدم عدداً من ألآعمال المسرحية ويقدم حالياً مسرحيته ( البرقية ) كما قدمت الفنانة (ميديا رؤوف ) أكثر من عمل ، أما الذين جاءوا من خارج الدانمارك وعرضوا فيها فأذكر أسمائهم فقط وهم الفقيدة زينب والفنان (لطيف صالح) والفنان (أسعد راشد) والفقيد ( عوني كرومي ) والفنان (سلام الصكر ) والفنان ( فاروق صبري ) .
النوع الثاني من المسرح العراقي ذاك المقدم باللغة الدانماركية والموجه بشكل رئيسي للجمهور الدانماركي ، ومن بين المسرحيين الذين قدموا هذا النوع من المسرح الفنان ( محمد زلال ) في مسرحيته ( مغامرة رأس المملوك جابر ) والفنانة ( سهام علوان ) في تمثيل أكثر من عمل ، ويمكن إعتبار المخرج ( كاظم صالح ) هو ألآبرز في هذا الميدان ، إذ قدم ثلاث أعمال هامة ، من بينها مسرحية كلكامش ، وبكادر دانماركي وتقنيات متقدمة ، وفي أرقى مسارح العاصمة .
* نرجو أن تتفضل بسرد أبرز محطاتك الشخصية في مجال المسرح.. مثلا ما الزيارة المسرحية التي ما زالت في ذاكرتك؟ لماذا؟ ما المسرحية الأهم أو الأبرز التي ساهمت أنت بها ولماذا تلك المسرحية تحديدا؟
- أبرز محطاتي كانت في الناصرية وعلى مسارحها ، فقد ساهمت بالعديد من الاعمال الهامة ومن بينها مسرحيات ( الغريب ) و( أسياد الدم ) و( الطقوس الأخيرة ) و ( حفلة سمر من أجل 5 حزيران ) و ( في انتظار اليسار ) و ( قضية أغنية ) و( لويش وشلون وإلمن ؟ ) و ( سيرة أس ) و ( المسيح يصلب من جديد ) أما الزيارة التي تظل في الذاكرة فهي المساهمة في يوم المسرح العالمي لسنتين متتاليتين في البصرة ، والتباري مع العديد من فرق البصرة والناصرية والعمارة بالأعمال المسرحية ، وقد حصلت في السنة الآولى 1970 على الجائزة الثانية لأحسن ممثل في المنطقة الجنوبية عن دوري في مسرحية ( قضية أغنية ) ، وفي السنة التالية حصل عملنا ( ستربتيز ) على الجائزة الأولى نصاً وتمثيلاً وإخراجاً ، وكان من تمثيلنا ( أنا والمخرج صالح البدري ) ولا أستطيع تحديد العمل الأبرز لي ، ولكن يعتقد الكثير من أصدقائي أن عملي المميز كان في ( المسيح يصلب من جديد ) لكازنتزاكي فقد مثلت الدور الرئيسي وهو ( مونوليوس ) وكانت المسرحية من إخراج الفنان حازم ناجي .
* من هم أبرز شخصيات المسرح الذين عايشتهم مجايلة أو صداقة وعملا مشتركا؟ ماذا تتذكر من مشترك معهم؟
- أبرز الشخصيات التي عايشتها في المسرح والكثير منهم من أعز أصدقائي الفقيد عزيز عبد الصاحب والفقيد مهدي السماوي وبهجت الجبوري وعبد المطلب السنيد والفقيد عدنان عبد الصاحب وزينب وحازم ناجي وصالح البدري وإيمان خضر .
* كيف تقيم التكريم الذي صادفه المسرحيون العراقيون؟ على المستويات الرسمية والشعبية؟ بالأمس واليوم؟ وماذا تقترح بالخصوص؟
- التكريم الذي كان يمارسه الجلاد صدام حسين كان شكلياً غير أصيل ، وقد حدثني الفقيد عزيز عبد الصاحب بالتفصيل عن استدعاء صدام لهم قبل سقوطه بسنوات وحديثه معهم ، ومنحهم مبلغاً من المال كمكرمة ، في حين كان هم الحاضرين ما وصله المسرح حينذاك من تردي وانحطاط ! أما السلطة الحالية فقد كرمت عدداً من المسرحيين الرواد وهي إلتفاته جيدة ، ولكنها جاءت على يد وزير هارب لاتهامه بالقتل ، أعتقد أن التكريم الحقيقي كان من الجمهور العراقي الذي كان يتحرك في سيارات خاصة من المحافظات لمشاهدة عمل مسرحي هادف ، وأملي أن هذا الجمهور سيعود .
* هل يمكنك التحدث عن المسرح العراقي الكوردي والكلداني الآشوري السرياني والتركماني؟ ما تقييمك للتراث والحاضر والمستقبل؟
ما الفكرة أو الأفكار التي لم نسألك عنها وتريد التعبير هنا اليوم؟
- لم تسألوا عن أزمة النص المسرحي وكيف يمكن حلها ، وأنا أعتقد أن غياب النص العراقي مرتبط بوضع المسرح الخامل عموماً فالنشاط هو الذي يحفز الكاتب للكتابة والابداع ، ثم غياب المحفزات المادية لكتاب المسرح ، وغياب الترجمة من اللغات الأجنبية للأعمال المسرحية الحديثة ، من المؤسف أن السلسلة الكويتية للترجمة قد توقفت ، وكذلك غياب المجلات العربية التي كانت متخصصة بالمسرح والسينما الخ .
* يوجد مشروع لمتابعة ندوات تناقش المسرح العراقي شؤون وشجون وتلتزم قناة فضائية بإنتاجه: ما رأيك بالفكرة؟ وماذا ترى لجعلها مفيدة وافية...
- الفكرة رائعة ولكي تكون مفيدة وناجحة أتمنى أن يشرف عليها مختصون بالمسرح ، وأن تبرمج وتبوب مثلاً ، حلقات عن رواد المسرح العراقي وبداياته ، وحلقات عن تأريخ الفرق المسرحية العراقية ، وحلقات عن المسرح في المحافظات ، وعن المسرح الجوال والمسرح الغنائي والمسرح في المهجر ، عن رائدات المسرح العراقي وأبرز الممثلات ، عن كُتاب المسرح ... إلخ .
داود أمين
كوبنهاكن | الدنمارك
17 | 3 | 2008