الصفحة الثقافية
الأحد 28/5/ 2006
إلى عوني كرومي
دنى غاليعذرا، انتظرت أن يغادرني الجميع لأحزن - أشياء كثيرة نخجل من ممارستها، مازلنا، علناً
ثم، كان علي أن أنتظر حتى يخلد الحزن إلى النوم
ها أنا أضم طقسا سريا إلى جملة طقوس لن يفهمها كثيرون سواك
كما، عذرا، ليس من السهل أن أسمح لنفسي أن أميز في حزني أحدا دون آخر، من دون الحجة القوية، مع كل هذا الموت من حولنا
وعلى عاتقي مهمة من لا دمع أو حنجرة أو قدرة لهم على خط حرف بشكل الوداع
سأفرد لك بين جدران أربعة مساحة للحسرة بحجم عجز المعجزات عن كسر قانوننا الحتمي، الآخذ يغيّبهم، الأحبة، ونحن الأغبياء نبقى نعترض ... وإن فاض النهر؛
ليس من الغريب أن يحتفي المطر بالموت بطريقة محددة هنا: خطوط ماء متواصلة تكاد تكتب شيئا منذ الليلة الفائتة، ربما باللغة الأخرى
أم هو تبديد لوحشة البشر، فوق التراب، تحته!
الغيوم في رحيلها أيضا مذ وصل الخبر
لا يرتسم الموت على وجه مثل وجهك!
رسام يمسك ورقة من البياض في النهار لساعات مقابل وجهك، مُحار في التقاط الصورة الأمثل
أفكر أيضا، رغم ان ذلك شيء آخر تماما، في كمّ الحسد وهو يتكون، يتجمع ويصعد، من جديد، كل مرة أسمع فيها عن موت قريب أو حبيب أو حتى غريب.. أجل، ذلك في شق الغرور، ستقول
هل لأن القيمة تكمن في الموت؟ تكمل بالموت؟ أم الجمال كله وهو يتجلى بالتحديد حينها؛ بالغياب، بالنكتة، بالإنفراط من العقد القديم الباهت المعتاد الممل، بالخيانة، بالجرأة، بالإنتقال.. ويلك، بي فضول لأسأل كل مرة إلى أين أنت مسافر؟
لا أظنك اخترت كل ذلك، ولا أظنك سعيت له؟
أنت أنت ومذ كنت طفلة، لم تبدو لي كبيرا يوما، لم تكن بطلا، لم تظهر أبا، زوجا، ممثلا، مخرجا. أنت كنت أنت، كما لا شغل لي بأحد دوما. لا أعرفك، لا أعرِّفك، مثل صورة " أجنبية" ضاحكة، تطل بين الحين والاخر، يحفّها الفرح منذ الصغر، رمز هاديء لثوابت متبقية معدودة، بعناية اخترت الإحتفاظ بها، بعد أن أدركت اللعبة
عذرا لحزننا المغبر الرديء المأكول المحتجب المغشوش الناقص المكرر
عذرا لكل من تخصُّهم، عذرا كبيرا لمحبتهم، عذرا لملكهم
عذرا لك كلماتي في غيابك وأنا أتخيلك ترفضها قطعا
لا شيء بحجم هذا السعي - اتفقنا بسرية نختار طقوسنا، بسرية نختار متى نحضر، نطل، ومتى نغادر.
لو يُسمح لي وددت لو أهمس بأذنك متى نلتقي