الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 5/7/ 2009



غيمة ماطرة جمعتنا تحت خيمة العراق

وئام ملا سلمان

للعام الثالث على التوالي وفي رحاب الحدائق الملكية أقامت سفارة العراق في العاصمة السويدية ستوكهولم أيام الثقافة العراقية ، لتكون هذه الأيام ملتقى لكل العراقيين بمختلف أطيافهم ومن دون تفريق لعرق أو دين ، وكان يوم الرابع من تموز موعداً لهذا الكرنفال الرائع وبالتعاون مع جمعيات ومنظمات عراقية عديدة تقاسمت خيمة واحدة وحجزت لمناضدها أماكن صغيرة كافية لعرض ما لديها من معروضات تجسدت بالفلكلور العراقي والأزياء الشعبية ومعرض للمطبوعات العراقية ، وكان نصيب جمعية المرأة العراقية في ستوكهولم مقهى عريق بتاريخه الذي تجاوز اكثر من مئة سنة ، إنها(كَهوة عزاوي) العريقة بحضورها واسمها لدى العراقيين جميعا ً،إذ خلدتها أغنية وجعلت منها حاضرة في الطرب العراقي الأصيل ومن منا لا يتغنى بــ( يا كَهوتك عزاوي بيهه المدلل زعلان) ، وقد أضفى الآجر الأحمر والسماور وأواني الشاي القديمة طقساً حقيقياً لمقهى عراقي تضوع منه رائحة الشاي المهيل والحامض( ليمون بصرة) وشاي الدارسين ، ولم يتوقف الأمر على الشاي فقط بل كانت هناك القهوة العربية المهيلة وأنواع كثيرة من أطباق الحلوى العراقية التي شاركت بتحضيرها عضوات جمعية المرأة ، وقد شكلت قوس قزح مبهج للبصر بألوانها وطريقة عرضها فأغرت كل الداخلين إلى الخيمة للإستمتاع بمذاقها مع( إستكان جاي) ، وفي زاوية الخيمة التي تم تخصيصها للجمعية تناوب في الجلوس عدد من الاخوة العراقيين للاستمتاع بلعبة (الطاولي) والتلذذ بارتشاف الشاي ، بينما كانت خارج الخيمة طاولة كبيرة لبيع المعجنات والحلويات وقد تم الإتفاق منذ البدء من أن يكون ريع هذه المبيعات لأطفال العراق ، كما إعتادت جمعية المرأة أن تقوم بذلك دائما .

في هذه الساعات التي جمعتنا كانت الوجوه والنفوس طافحة بالفرح ولم يتوقف صوت الموسيقى والأغاني العراقية التي أنشدتها فرق عديدة قدمت عروضها على مسرح الحدائق ، ليكون الجبل حاضرا ًبزهوه ودبكات أولاده وبناته ومراكب البصرة بانسيابيتها الهادئة وهي تتوسد موجات شط العرب وكانت هناك معايشة لثنائية جميلة ما بين نوارس تحلق في فضاء الحدائق الملكية وأخرى تغني حاملة دجلة عنوانا لها . والجميل أن الشمس كانت مشرقة ترسل أشعتها بطاقات محبة للمتواجدين ، والأجمل من ذلك تعرّض الشمس لمشاكسة مغرية من غيمة حبلى بالمطر فلم تعترض عليها ومنحتها فرصة للهطول بشكل مباغت ، شلال مطر غزير لم يسمح لأحد من مجابهته وتحديه ، وكانت الخيمة البيضاء هي المأوى والملاذ ، ليلتاذ بها كل القادمين لمشاهدة الفعاليات والعروض ، لا يمكن للكلمات أن تترجم ما تكتنزه المشاعر من غبطة وسرور وأنا أراقب بعمق هذا المشهد العظيم ، يا له من منظر مهيب حين يقف مئات من العراقيين بين رجال ونساء وأطفال تحت خيمة واحدة متلاصقين كالبنيان المرصوص ، كنت أتمنى أن لا يتوقف المطر لكي يدوم هذا المشهد طويلاً وأن يتسلل المطر إلى قلوبنا العطشى للفرح ليغسل همومها المتراكمة ، فلقد أراني هذا الغيث وطناً أفتقد حميميته وطيبة أهله ، وكنت أتساءل في سري رغم إنشغالي وعضوات أخريات بمهام المقهى ، هل هناك هوية أجمل من هوية العراق فلماذا نسعى إلى قتل هذا الجمال ولماذا نشوه لوحة المحبة هذه بفرشاة الكراهية؟ لماذا كبيرة في بداية سؤال لدي ينتظر جواباً كانت تطوف حول رؤوس الحاضرين تصورها عدسات كاميرات تلفوناتهم المحمولة وهي تلتقط هذه الوقفة النبيلة المضمخة بشذا الإخوة الذي كان يشمه العراقيون تحت سقف هذه الخيمة المباركة ، وبعد أن توقف المطر عاد عريف الحفل ليتلو فقرات البرنامج المقرر للتواصل مع الحضور وبقيت أنا متسمرة في مكاني لا أريد الحراك ، أدور في حلم متصوف عاشق يتهدج مردداً: لو كنت الله لما أوقفت هذا المطر.

 

free web counter