الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

الخميس 7 /12/ 2006

 

 

ما الذي يحدث للعقول العراقية؟ ولماذا؟


توجهت Arabic BBC بالأسئلة إلى عدد من الأكادميين العراقيين في بريطانيا حول موضوع استنزاف العقول العراقية. أدناه ، آراء أ.د. محمد الربيعي الاستاذ في جامعة دبلن وجامعة برمنغهام والمستشار العلمي للسيد رئيس الجمهورية .

ما يحصل في العراق اليوم من انعدام الامن وتصاعد العنف الطائفي مع قلة وسائل التنمية الاقتصادية وسوء الخدمات الصحية وغيرها من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى بحيث اصبحت البلاد مسرحا للقلاقل والفتن والانشقاقات والصراعات الدموية وعمت الفوضى وانتشر الخوف بين الناس ولم يعودوا مطمئنين على راحتهم وعلى أنفسهم وممتلكاتهم، ذلك أن هذه الحالة تلقي بظلالها على الشارع العراقي منذ سقوط النظام الصدامي، وتحولت بعض المناطق الى بؤر يتنامى فيها الرعب والارهاب بكيفية مهولة الى درجة أن السكان من انتماءات مذهبية معينة في بعض الأحياء السكنية اضطروا تحت وطأة ما عانوه من انعدام الأمن والتهديد المتمثل في العنف والخطف الى ترك محلات سكناهم او مغادرتها طوعا واللجوء الى اماكن اخرى من البلاد يمكن ان يشكلوا فيها أغلبية. وفي ظل هذه الاوضاع لا يتوقع ان تمارس الجامعات ومؤسسات البحث العلمي عملها بصورة طبيعية حيث تتعثر العملية التربوية ويتأثر سلبا الأكاديميين والعلماء والأطباء، وتطول عمليات الاغتيال كل الاختصاصات ووصلت الى غالبية الجامعات عدا الموجودة في اقليم كردستان. وأصبحت ظاهرة خطف واغتيال الأكاديميين ظاهرة متكررة مما أدى الى اضطراب الأجواء الجامعية وازدياد الصراعات الشخصية والطائفية وازدياد هجرة العقول الى الخارج، وساهمت هذه المشاكل في إعاقة الكوادر الجامعية من مواصلة عملها الأكاديمي وإحباط آمالها في تحقيق نهضة علمية تمكن العراق من اللحاق بركب الدول المتطورة واخذ دورها في بناء الاقتصاد الوطني.

كما ان الجامعات تخضع اليوم لابتزازات وضغوط مستمرة متناثرة ومن جهات مختلفة تعرقل عملها وتتدخل في شئونها او تحاول فرض تقليد او ممارسة معينة لا تمت صلة الى مهمتها العلمية والتعليمية. وقد يعود هذا الى انعدام سيطرة الدولة على الاوضاع الامنية وعدم احترام بعض الطلبة لحرمة الجامعة وتفهمهم الخاطئ لمفهوم الحرية الاكاديمية. ويحتمي هؤلاء الطلبة تحت واجهات معينة، الا ان مصالحهم لا تمت ابدا بصلة بمصالح القوى الارهابية والعصابات المنظمة التي تتعمد العنف والقتل والخطف للاكاديميين والاطباء والعلماء العراقيين لكي تحقق هدفها في ارجاع العراق الى عهد الدكتاتورية المقيتة وجعله مركزا للارهاب العالمي ومعاداة الغرب.

من يستهدف الاكاديميين والعلماء والاطباء دون تمييز؟
ان الخطر الذي يواجه كل الأكاديميين اليوم يكمن في استهدافهم من قبل الارهابين لغرض ترويع الأسرة العلمية العراقية وإجبار العلماء على الهجرة الى الخارج ومنع من هو في الخارج من العودة الى الوطن، بالاضافة الى استهداف الأكاديميين من قبل جماعات سياسية طائفية متطرفة كرد فعل على أعمال إرهابية وأحيانا بسبب انتماءاتهم السياسية السابقة مما جعلهم عرضة للانتقام. وبسبب عدم توفر الحماية الشخصية الكافية للأكاديميين وعائلاتهم يقعون فريسة العصابات المنظمة من خطف واغتيال ولصوصية.

ويمكن تقسيم القوى التي تستهدف الاكاديميين والعلماء وغيرهم من الكفاءات المتميزة في المجتمع وتلك القوى التي تعمل على قمع العمل الاكاديمي والكلمة الحرة وتعيق تحقيق التآلف والاخوة والمنفعة العامة داخل الجامعات وبما يخدم مصلحة الوطن والتقدم الاجتماعي والتكنولوجي الى المجاميع التالية:

1- قوى او افراد من بقايا النظام السابق او من تلك التي فقدت مواقعها ونفوذها داخل الجامعات بحيث لم يعد من صالحها ان ترى الهدوء والسلام يعم ربوع الجامعات ولا ان تتحول الى ورشات عمل مستقلة للفكر الحر لتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي الحقيقي للعراق.
2- قوى سياسية تريد "تطهير" الجامعة من كل اكاديمي بعثي او متعاون مع النظام السابق، وقوى طائفية تريد التخلص من كل اكاديمي ينتمي الى طائفة من غير الطائفة التي تشكل الاكثرية في المحافظة التي تنتمي لها الجامعة.
3- قوى او افراد من بعض الاحزاب السياسية الدينية تريد ان تكون الجامعة جزءا من المجتمع الاسلامي بالصورة التي تراها للاسلام فتتدخل في شئون الادارات او تحاول فرض تقليد او ممارسة معينة لا تمت صلة الى مهمة الجامعة، كممارسة الشعائر الدينية التي لا تمارس عادة الا في الجوامع او الحسينيات او عن طريق الاجتماعات السياسية المخصصة لدعم اتجاه او قوة سياسية معينة. وهم باسلوبهم هذا يريدون ان تخضع الجامعة لمعايرهم وقيمهم الاخلاقية متناسين ان مثل هذا الاسلوب كان قد اتبع سابقا فتحولت الجامعات الى ثكنات عسكرية.
4- عصابات او افراد هدفها ابتزاز اساتذة الجامعة عن طريق التهديد من اجل مصالح فردية وكثيرا ما يتم تنفيذ هذه التهديدات اما بضرب او قتل الاستاذ. ويجد هؤلاء الافراد مجالا واسعا لتنفيذ جرائمهم نتيجة لانعدام الامن وسيطرة الدولة.
5- مجاميع او افراد لها مصالح شخصية في التخلص من واحد او اكثر من اعضاء الهيئات التدريسية، فتقوم بالتحريض على ضربه او ابعاده او قتله.
6- افراد من الانتهازين الذين لا يهمهم الا مصالحهم الانانية الضيقة يضعون عملهم الجامعي في خدمة مصالح بعض القوى الطلابية المؤثرة مما يمنح هذه القوى تأيدا ودعما يساعد في نشر مناخ الخوف في المحيط الجامعي.

ما الذي يمكن عمله عاجلا لوضع حد لهذا الاستهداف وايقافه؟
هنالك قوى وافراد عديدين مختلفي المصالح يدفعهم هدف زعزعة الامن الصحي والجامعي وافراغ العراق من الكفاءات وعرقلة العمل الاكاديمي، بعضهم انتهازي وشخصي وبعضهم ايديولوجي الدوافع. تخليص البلد والجامعات من العناصر الاولى يتم بالتدريج مع احكام سيطرة الدولة على الامن وتحقيق الامان على صعيد الشارع العراقي والقضاء على العنف وانتشار ثقافة احترام الرأي والرأي الاخر والالتزام بالمبادئ والقيم والاخلاق الوطنية والعالمية ذات الاساس القانوني. اما التخلص من المجموعة الثانية فهو عمل اشد صعوبة لما يرتبط ذلك بالوضع السياسي والقضاء على الارهاب والتوصل الى مصالحة وطنية. اما على صعيد الجامعات فيتعلق الامر بمدى اقتناع القيادات السياسية بمفهوم استقلالية الجامعة والحرية الاكاديمية كمبدأ مهم من مبادئ التعليم الجامعي. ان هذا الهدف يتطلب ان تقوم القيادات السياسية بمراجعة مواقفها من حرية الفكر والتعليم الجامعي، واذا كان من الحكمة اقحام السياسة والدين بداخل الجامعة خصوصا في الكليات العلمية والطبية والزراعية والهندسية.

ماذا يتعين على الدول والمنظمات عمله لمساعدة اهل العلم في العراق؟
على الدول والمنظمات العالمية تقديم الدعم المادي والمعنوي للعلماء والاكاديميين العراقيين وذلك عن طريق المنح المالية والزمالات الدراسية والمساعدة في توفير الاجهزة والمواد العلمية والكتب التدريسية واجهزة الكمبيوتر بحيث تتوفر للجامعات اسس ازدهارها وتقدمها. ويمكن لهذه الدول والمنظمات من توفير الدراسات العلمية والمحاضرات العلمية عبر الانترنت وان تستثمر طاقات وخبرات العراقيين في المهجر بمساعدتهم في تنظيم ورشات التدريب والمساهمة في الابحاث العلمية. وتعتبر حملات التضامن مع الاكاديمين العراقيين سواء عن طريق الاجتماعات والتظاهرات والمؤتمرات ذات اهمية قصوى لتعريف العالم على ما يتعرض له العلماء والاكاديميين العراقيين ومشاركتهم في محنتهم والسعي بهدف منع تسييس الجامعات والى ضرورة التمسك بالثوابت والقيم العلمية والاكاديمية والتربوية العالمية، حفاظا على المؤسسات التعليمية العراقية ودورها الحيوي في بناء مجتمع متحضر وواع. كما يمكن لها المساعدة في ارساء اسس الحريات والعمل العلمي المستقل في الحياة الاكاديمية العراقية ودعم قيادات الجامعات في ادارة الجامعات بصورة مستقلة من اجل ضمان تطوير العملية التعليمية وخدمة المجتمع.

اما في الجانب الامني فأن ما تستطيع تقديمه هذه القوى الدولية من منظمات وغيرها ان تعلن وقوفها الى جانب الاكاديميين العراقيين وتجرم كل عمل يرتكب ضدهم من داخل وخارج الجامعة ومساعدة الحكومة العراقية والقوى الامنية للضرب بقوة وشدة على يد كل من يتصدى للجامعيين العراقيين.

ما هو دور الاكاديميين افرادا ومؤسسات، على الصعيدين الوطني والدولي، لمعالجة هذا الموضوع؟

1. التنسيق والعمل المشترك بين كل الاكاديميين لتشكيل كيان او اطار يقدم النصح والتوجيه للحكومة للتعامل مع الواقع المؤلم الذي تعيشه الجامعة والمجتمع من منطلق عراقي وطني.

2. الالتزام بنشر مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية داخل الجامعة بغض النظر عن الانتماء المذهبي والقومي.

3. حث الدولة على تقدير الكفاءات العلمية المهاجرة وتثمين دورها في خدمة الوطن وذلك بتوفير الامن والمناخ العلمي والاكاديمي بالاضافة الى تقديم المكافئات المادية والجوائز ومستلزمات المعيشة الاخرى ووضع تسهيلات للسفر والمشاركة في المؤتمرات العالمية وتوفير الحوافز لمن يتبنون التطوير ومكافأة المبدعين والعلماء وتوفير فرصا حقيقية لهم للربح المادي والتميز في المكانة الاجتماعية.

4. مقاومة التأئيرات الخارجية والداخلية المفسدة على الدروس والبحوث بحيث يكون الاكاديمي دائما قدوة من ناحية الالتزام بالقيم والاخلاق العلمية العالية والحياد العلمي في تناول مواضيع دروسه وطرق واساليب بحوثه.

5. مطالبة القوى السياسية وأعضاء مجلس النواب والحكومة العراقية بالاشتراك مع قيادات الجامعات العراقية وأعضاء هيئاتها التدريسية عقد مؤتمر عام حول وضع الجامعات لمناقشة واقرار مبادئ شرف يتمسك بها الجميع للحفاظ عليها كمؤسسات علمية وتربوية لنشر مبادئ الحرية والعدالة من خلال التعليم والبحث وتطوير أساليب التآلف والاخوة والمنفعة العامة بما يخدم مصلحة الوطن والتقدم الاجتماعي والتكنولوجي.