الصفحة الثقافية
الاربعاء 9 / 5 / 2007
إحداثيات الثقافة العراقية .. أمس واليوم
أقام اتحاد الكتاب العراقيين في السويد وضمن برنامجه الثقافي أمسية أدبية متميزة في مضمونها الأبداعي للكاتب والقصصي فرات المحسن وذلك يوم السبت الموافق 5/5/2007 . ادار الأمسية الزميل الدكتور عقيل الناصري ، الذي حاول التعريف بإبداع المحسن ورسم حدود رؤيته لنتاجاته من منطلق كونه قارئا متابعا لكتابات المحسن الثقافية والتحليلية في الشأن العراقي ، وأشار الناصري الى ان ( كتابات المحسن تتمتع برؤيا روائية واضحة تبرز بقوة في اغلب كتاباته وتحليلاته وقصصه، كما ان الكاتب يلجأ في بعض الأحيان الى الرمزية المشبعة بروح السخرية الدرامية من الحالة العراقية الراهنة ، وهو شغوف أيضا بالأسطورة ودلالاتها في معالجاته الفكرية ) .
بعد ذلك قدم الكاتب فرات المحسن محاضرته التي تناول فيها الحالة الثقافية العراقية من خلال إحدى خصوصياتها والتي وصفها بـ ( ثقافة الرفض ) ، ثم انطلق في تحديد المتواليات التي تفرض نفسها على الحدث الثقافي في العقود الأربعة الأخيرة على وجه التحديد وما انتج وأعيد إنتاجه في الثقافة العراقية ، بعد ان حدد منطلقه لمفهوم الثقافة من تعريف ( اعلان مكسيكو ) للثقافة بإعتباره التعريف الجامع الشامل والأكثر حيادية ، والذي يحدد الثقافة بـ ( هي مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية، التي تميز مجتمعا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وانها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والحقوق الأساسية للإنسان والقيم والتقاليد والمعتقدات ) حيث اشار المحاضر الى كون هذا التعريف يعني أن قطاع المثقفين يشمل كل من له مساهمة في الجهد الثقافي بمعناه الأوسع أي كل من يحمل خاصية الإنتاج ومسؤولية السلوك في الفعل الثقافي ، والثقافة حسب التعريف تكون كذلك فكرا جمعيا يميز تشكيلة إنسانية ذا طبيعة شخصية بحته تميزه وتوصفه سمات روحية مادية وفكرية تراكمية للمجتمع .وشرطه الإبداعي هو ان ينمو في أجواء الحرية وبين اوساط اصحاب المصلحة الحقيقية فيها .
بعد ذلك حدد الكاتب جملة من السمات الروحية والمادية والفكرية للمنتج الثقافي ، كالحالة الجمعية ، النزوع الأنساني للثقافة ، جدلية الحرية ، التناقض بين الفكر الشمولي والأبداع .
تطرق الكاتب المحسن الى ابجديات الخراب في الثقافة العراقية في الأمس وحددها بالأحداثيات التالية :
ـ إشكالية علاقة المثقف السياسي بالمثقف المبدع المنتج في مجالات الفن والعلوم والأدب والفكر.
ـ التعليم والنظام التربوي والمناهج الدراسية.
ـ الدين كفكر جمعي.
ـ العسكرياتية .
ـ شح تقاليد وأعراف النقد الأدبي والفني وغياب نماذج أكاديمية حقيقية لمدارس نقدية .
ـ انعدام شرط الأمن والسلم الأهلي وبناء دولة المؤسسات والقانون .
كما سلط المحاضر الضوء على بعض سمات الثقافة العراقية في الوقت الراهن وما فيها من صفات مشتركة مع فترة النظام البعثي الفاشي . حيث يوجد اليوم تكرارا بأنواع مستحدثة لذات المناهج القبيحة وذات الخطاب الشعاري التضليلي ، مستخلصا جملة شروط للخروج من الأزمة التي تعانيها الثقافة العراقية بغية إعادة الحياة لها وانتشالها من الخراب الشامل الذي طال الوطن والأنسان بالأستعانة بروافد الثقافة العراقية الأصيلة ، والتركيز على ضرورة التلاقح الفكري بين السياسي والمثقف دون وصاية وضغوط . وأن يأخذ المثقفون الحقيقيون على عاتقهم إعادة بناء المنظومة الثقافية ودراسة العوامل الأجتماعية والسياسية والثقافية وتفاعلاتها الجدلية للخروج من الأزمة البنيوية التي تعيشها الثقافة .
كذلك تطرق المحاضر للفكرة الخاطئة التي تفرق بين ما يسمى ثقافة الداخل وثقافة الخارج فأكد على انهما ثقافة واحدة تنهل من ذات المنابع والتقاليد الثقافية بالرغم من وجود الأختلافات الفكرية وتنازعها .
وبعد استراحة قصيرة عاد الحضور وهم محملون بالكثير من الأستفسارات والتعقيبات وطرح الرؤى التي انصبت في نقاش واسع لوجهات النظر التي طرحها المحاضر ومفهومه للثقافة . كذلك سلط البعض في مداخلاتهم على ما يطلق عليه ( ثقافة العنف ) ومسبباتها.
بعدها اجاب المحاضر عن الأسئلة وعقب على بعضها بصورة مكثفة جدا نالت استحسان الحاضرين الذين طالبوا بالمزيد من المحاضرات عن مثل هذه المواضيع واقترح البعض اجراء حوار علمي حول مسببات العنف في العراق .
في الختام شكر الزميل الناصري الأخ المحاضر والحاضرين على مداخلاتهم التي اغنت الموضوعة ، ، كما شكر فضائية الفيحاء التي غطت وقائع الأمسية وشاركت في مناقشاتها .
كما وعد اتحاد الكتاب العراقيين في السويد بالمزيد من هذه المحاضرات التي سيعلن عنها لاحقا .
اتحاد الكتاب العراقيين في السويد