الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

الثلاثاء 9 / 10 / 2007

 




شكسبير أم بلاهة العرب

أثير آل طاهر الخاقاني
atheertaher@yahoo.com

وليم شكسبير William Shakespeare كاتب مسرحي وشاعر إنكليزي من أعظم الكتّاب العالميين، ليس لمكانته المسرحية في عصره أو غزارة إنتاجه المسرحي والشعري فحسب، بل لاستمرارية شهرته الغامضة عبر قرون، ولاهتمام النقاد والمخرجين المسرحيين والسينمائيين من كل المذاهب الأدبية والفنية بإنتاجه عبر العصور. فقد عُرضت مسرحياته، ولاتزال تُعرض، في كل أرجاء العالم، وترجمت إلى أكثر من سبعين لغة، وكُتبت عنه دراسات نقدية لا تحصى. (في حين لم يدقق في تاريخه الشخصي بحجة عدم توفر معلومات كاملة وموثقة عن حياة شكسبير)، إلا أن الباحثين والمؤرخين اتفقوا على بعض الحقائق والتفاصيل التي دونت في السجلات المدنية والقانونية والمالية والمسرحية. فقد ولد في مدينة ستراتفورد- أبُن-ايفُن Stratford-Upon-Avon ، بعد شهرين من مولد معاصره كريستوفر مارلو Marlowe، وكان والده صانع قفازات وتاجراً صغيراً ومالك عقارات. تلقى تعليمه في المدرسة الثانوية Grammar School في مسقط رأسه لكنه لم يتلق تعليماً جامعياً. تزوج آن هاثاوي Anne Hathaway وهو في الثامنة عشرة، وكانت تكبره بثمانية أعوام، ورزق منها بثلاثة أطفال.يمكن تقسيم نتاج شكسبير المسرحي إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي: المأساة والملهاة والمسرحيات التاريخية, اقتبس شكسبير نصوصه التي كتبها في المراحل الأربع كلها من الحوليات والتاريخ ومما كان متوافراً من كتابات نثرية وقصص في عصره، كما تأثر أسلوباً وفكراً بالإنجيل. كانت «حوليات انكلترا، اسكتلاندا، وايرلندا»Chronicles of England, Scotland, and Ireland (1587) لرفائيل هولينشيد Raphael Holinshed مصدره الرئيسي عن التاريخ الإنكليزي، وكانت ترجمة توماس نورث Thomas North 1579 لكتاب بلوتارخس Plutarch «حياة عظماء اليونان والرومان» Lives of the Noble Greeks and Romans مصدر مسرحياته الرومانية. أما بالنسبة للمسرحيات الأخرى خارج هذين المجالين فقد اعتمد على مسرحيات قديمة أعاد كتابتها وعلى أعمال كتاب آخرين. تصرف شكسبير في مصادره بكل حرية بما يناسب الغرض الذي يكتب من أجله، لكنه اقتبس مقاطع كاملة من هولينشد وبلوتارخس كما وردت وبحد أدنى من التغيير وأضفى عليها أجمل شعره، معطياً بذلك أبعاداً جديدة لقصص التاريخ. يعتبر بعض النقاد أن « الملك لير» King Lear (1605) مسرحية شكسبير الأهم كونها تتميز بأبعاد ملحمية لقصة صراع عائلي بين الآباء والأبناء وبعمق في تحليلها العواقب الوخيمة التي تتمخض عن تصرف الملك الانفعالي غير المسؤول عندما يتنازل عن السلطة والمال لابنتيه ويحرم ابنته الصغرى كورديليا Cordelia، لظنه أنها لا تحمل له من الحب ذات القدر الذي تحمله له أختاها اللتان تبالغان كذباً في التعبيرعن حبهما لوالدهما، بينما تعجز الصغرى، وهي أكثرهن حباً لوالدها، عن التعبير بالكلمات. وتلقى كورديليا حتفها ويعجز والدها عن إنقاذها قبل أن يموت، ويظهر فشل الخير أمام حماقة البعض وتعنتهم وتجاهلهم الحقيقة. أما في مسرحية «أنطوني وكليوباترا» (Antony and Cleopatra1606) فيتناول شكسبير موضوع الحب المحرم سياسياً وأخلاقياً بين القائد الروماني وملكة البطالمة كليوباترا والذي سبب الدمار لـه ولاسمه في روما، وهو حب ناضج بين حبيبين في أواسط العمر لم يسبق لأحد أن عالجه بذات البراعة والعمق والشاعرية مثل شكسبير. وفي مسرحية «مَكبث» Macbeth 1606  يقدم شكسبير تحليلاً لرجل يستسلم لطموحه الجامح لضعف في شخصيته فيفقد إنسانيته ويصبح قادراً على أي جريمة. تبرز شخصية الليدي ماكبث من بين الشخصيات النسائية في الأدب العالمي فتصور المرأة الطموح التي لا يقف في طريقها شيء، وصارت أنموذجاً لكثير من الشخصيات النسائية المتمردة. أما في مأساة «عطيل» Othello 1604 فقد قدم شكسبير تحليلاً عميقاً لآلية الإيقاع بقائد عظيم أسود البشرة ضحية الغيرة على زوجته البيضاء المخلصة دِزدمونة Desdemona، من خلال المخطط الخبيث والمدروس الذي يرسمه تابعه إياغو Iago الذي يستغل نقاط الضعف لدى سيده الغريب عن المجتمع الذي يعيش فيه، بالرغم من مكانته المرموقة، ولكونه ينتمي إلى ثقافة شرقية تختلف في معالجتها لموضوع الحب والغيرة والشرف عن نظيرتها الغربية. ويتطرق أيضاً لمفهوم الشر من أجل الشر، الذي صوره شكسبير في شخصية إياغو الذي يجد لذة في هذا الشر فيكشف خططه للجمهور من خلال تقنية الحديث الجانبي التي تضع المشاهد في وضع المتواطئ معه والراغب في إدانته في آن معاً.
هذا ما وجدته لدى بعض الكتاب عن شكسبير والواقع ان هذا الكاتب شبيه المتنبئ اليهودي نوستراداموس الذي يستحق ان ينال أعظم جائزة تقديرية على ما قام به من صياغة لأفكار وأسرار شرقية وبالذات لعلماء من المسلمين يجهل قيمتهم الفكرية الكثير من المسلمين أنفسهم ! فهو لم يأت بشي جديد مطلقا ووضعه التنبئات على هيئة الرباعيات المشفرة دليل على حذوه منوال طريقة الحكماء الشرقيين لحفظ ما يقولون وما يكتبون عن عامة الناس ، ولأجل أن يبقى فنهم هذا بينهم او بين العلماء فقط ... هذا الأمر ينسحب على شكسبير تماما فهو اخذ معالم الفكر الشرقي وأبعاده ووظفها في أسلوب أوربا القديم السائد آنذاك ولازال وهو المتمثل بالقصة والرواية ، وإلاّ فأوربا كانت تجهل الكتابة في البلاغة او التصوير الفني او الترميز الفلسفي لجوانب حيوية في الواقع المعاش كالحب والكره والتضحية والتحليل العميق عن الأمور بغير لغة الإنجيل الرائج أو الصبغة اللاهوتية للآباء والأساقفة ونحوهم، لا اقصد الاستهانة بالغرب من هذه الناحية بل أراه صعب الامكان من حيث طبيعة البيئة الفنية الملائمة لهذا اللون من الادب دون غيره فعصر شكسبير الذي كانت سلطة الكنيسة فيه كنترول التوجيه لعقول الناس وتسيرهم باتجاه الأفكار البالية ، وحتى في عصر الثورة الصناعية فان المجتمع الأوربي لم يكن قادرا على تصوير واقعه المر على شكل مسرحية تصور المأساة او قصة حب اونحو ذلك بل كان المثقف منهم يبحث ماهو بعيد عن الفكر المثالى والفن النوعي الى الفن والأدب الذي ينسجم وحركة التقدم الصناعي والتعامل مع الادب والفن كالاداة لكسب العيش بمعنى الفن الربحي وليس الخيري يتحرك مع القطار البخاري معجزة زمانهم ليكتبوا رواية زمانهم من هناك وعلى سرعته وقوته التي تفوق الف حصان وهمهم العمل في المصانع واستغلال الوقت من اجل الحصول على المال...
وما استخلصه هو ان شكسبير اخذ مسرحياته وبعض أعماله الأدبية الأخرى المشهورة من واقع آخر غير مألوف لدى أوربا في ذلك الحين ليكسر عامل الجمود الذي أصاب الشعوب من سلطة الباباوات وطغيان الكنيسة وتعرف هذا بأقل مقارنة بين روميو جوليت وعطيل ومجنون ليلى و عشرات القصص الشبيه لها من كتاب الف ليلة وليلة والكتاب الاخير اقدم زمنا من عطيل فيتعين ان عطيل جاء من ليالي العرب !! وليس هذا مما يقلل من كفاءة شكسبير فلئن كان سارقا لبعض فنون العرب فهو قد اتقن صنع المسروق دون من ورث الحلال فأسرف فيه مبعثرا هنا وهناك ليبقى أحمقا أبلهاً !! أتمنى ان نتفحص في تاريخنا وتراثنا جيدا لنستثمره أولا ، قبل ان ينهب ويلجأ أبناء الجيل العربي والإسلامي الى أخذه من الناهبين مع المدح العنيف لهم !!