الصفحة الثقافية
الأحد 9/4/ 2006
الزهرة الواسعة
قراءة منتخبة/ قراءة اتصالية
من (مكاشفات ما بعد الرحيل)/ للشاعر مصطفى عبد الله
مقداد مسعود
(1)
للزهرة حضورها الملفت للنظر في قصائد الصديق الراحل (مصطفى عبد الله/ 1947-1/ 11/ 1989) انها تنوب عنه وتحرس حضوره أثناء الغياب (أيتها الزهرة/ تنزهي بيننا/ قصيدة C/ 63). والزهرة هي كل رأسمال الشاعر/ المطارد (ليس عندي غير زهرة وحيدة/ قصيدة D 65). والشاعر لا يقلق على الضوء ولا على النافذة فالضوء مستيقظ لديه (شمعتي لم تنطفئ/ 66) والليل على كثرته لا قدرة له على غلق النافذة (ولا قفل الليل نافذتي) لكنه يخشى الذبول الذي سيضيع العطر ويقلق الاغنية (لكني خشيت أن أذبل/ ويضيع عطر زهرتي/ وتقلق أغنيتي) هذه الخشية هي التي لا تجعله من الفرحين حتى في تعامله مع زهرته (لماذا أضع زهرتي على الطاولة دون فرح/ ص67).. والزهرة هي السلاح الذي يوصي الشاعر بحمله ضد الخوف والاحتلال أنها زهرة خاصة يعطيها لخاصيته هو (أحملي هذه الزهرة/ وانتظري غدي على حافة الشجرة/ دون مخاوف ولا احتمالات/ قصيدة F/ ص70). وجهد الزهرة لايذهب هباءاً بل هو يتأول في الثمرة (للزهرة المسنة/ عزاء الجهد المتأول في الثمرة/ قصيدة G/ 72).. ورقة الشاعر قد يرغمها شرط ما على أحتمال التواجد في مكان واحد مع القاتل لكن من اين لها احتمال القتل (احتملت القاتل/ فكيف احتمل القتل؟) هذا القاتل الذي لايريد الشاعر في شيخوخته بل في زهرة عمره (.. قاتلي / لايريد شيخوختي/ بل الزهرة التي أنحنيت لها/ ص72)
(2)
والزهرة هي الطرف الابيض في ثنائية اللون (أستيقظت الزهرة/ على صدر العاشق بثوب حدادها الابيض/ قصيدة البحث عن الاستقامة/ 110) وهي الواحد الاعزل من العافية العطرة إزاء الكثرة المدججة بنتانة المعاصي (لكم أن تبدأوا المعصية/ ولي أن أنهض بكامل عظامي/ لكم القرارات/ ولي عافية الزهرة/ قصيدة شجرة/ 109).
في غرف التحقيق مطلوب من الزهرة الدور التالي (الدور لهذه الزهرة/ أن تجلس على صدر رجل ما/ يلقي توقيعه على ورقة نيلون/ فترتدي الابقار القبعات وتبدأ بالتدخين/ قصيدة مقايضة/ 81) والزهرة هي الطرف المكمل في ثنائية التشجيع.
(الزهرة والطيف/ أخذا خوفي للبحر/ قصيدة طير ورماد أزرق/ 27) وهي الطرف الثاني في ثنائية التكريس (سنواتي للزهرة والطين/) ضمن مجموعة ثنائيات في قصيدة الشاعر (أنظر المعنونة بقصيدة/35) والزهرة النقيض في هذه الثنائية الحادة (هذه أرضنا القاحلة/ بين التأني مع الزهرة والمقصلة/ قصيدة رجل آخر/ 26).. وثمة علاقة عكسية بين علاقة الشاعر بالمرأة وعلاقته بالزهرة (كلما قربتك أبتعدت عني زهرة / قصيدة زهرة للمواطن/48) والزهرة مرآة المرأة الغافية (ذبلت باقة الزهرة على طاولة فطورك/ وأنت مازلت غافية/ قصيدة فراغ/ 46).
(3)
على كثرة الازهار في حديقة الشاعر الصديق مصطفى عبد الله فأن الشاعر يراها رؤية خاصة أنه يراها واسعة لاكثيرة فهو يعلن عن حضورها في فضاء ذاتي محدود (وفي هذا البستان ذي الصوت اللامع/ المحفور على لساني/ لاتكثر الازهار/ بل تتسع/ قصيدة زهرة للمواطن/ 48)
(4)
والشاعر أشتراكي في توزيعه للأزهار على الآخرين (زهرة واحدة للمواطن/ أنا أو أنت/ قصيدة زهرة للمواطن)وعلى حد قوله في قصيدة (D) (ليس عندي غير زهرة وحيدة/.65).
(5)
لن يبقى الواحد في وتره، لابد للصخب أن يسكت وللغبار أن يهدأ وللواحدة العطرة أن تصير الى الكثرة. (حينما يهدأ على الارض الغبار/ قرب كرسيك/ لأستقبال باقة الزهر/ قصيدة/ 65).