| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سامي العامري

alamiri60@yahoo.de

 

 

 

                                                                                      السبت 15 / 6 / 2014

 

في الدين الإسلامي والتطور والوعي الجديد

سامي العامري

الدين الإسلامي شأن كل الأديان الأخرى كان صحيحاً ولكن في عصره ، عصر البعثة وعدة قرون بعدها ولكن إذا ما أيقنّا بأن سُنة الحياة هي التطور المستمر فالدين ليس استثناءً فكل دين أو فكر أو معتقد يكف عن التطور لا يجب التعويل عليه ، فعجلة الحياة وتطورها ستسحقه وتستمر بالسير مخلفة وراءها كل ما بات في حساب الإنسان الجديد الحريص رمزاً للعوق والتخلف وطفولة البشرية ، ثم إن الأديان عموماً ومنها الإسلام ليست مُثبَتة ولا دليلَ علمياً أو عقلياً عليها وقد انتبه بعضُ فقهاء الإسلام إلى ذلك لاحقاً فكيف يقنعون المسلم الشكّاك وغير المسلم بصحة القرآن مثلاً ؟ فراحوا يبحثون في سيرة النبي محمد ! وقالوا من بين ما قالوا بأنه كان في صباه يسمّى الصادق الأمين !! وإلخ من القصص التي قرأناها وسمعناها في الماضي فلو كان الإسلام مثبتاً لما شغلوا أنفسهم بتأليف آلاف المُصنَّفات من أجل المحاولة لإثبات صحة الإسلام ! فنحن نؤمن بالإسلام إيماناً غيبياً عاطفياً رومانسياً وليست له علاقة بالمنطق والعقل البتة ، فالإنسان البسيط عندنا لا يمكنه أن يتخيل أنْ لا حياةَ أخرى بعد الموت ولا يمكن أن يتخيل عالماً آخر بعد الموت من دون سَواقٍ وأنهارٍ من لبن وعسل وخمر وحوريات رائعات الجمال ، ومسألة الخوف من الموت والفناء أو فكرة العدم أمر مفهوم ويحسه حتى المثقف الكبير أحياناً ولكنه لن يضعف فيُسلم عقله لخرافة كما يفعل أغلبنا بل هو سرعان ما يستعيد توازنه الروحي والفكري ويبقى في سعيه لاكتشاف سر الحياة ، حياته وحياة الآخرين وسر خلق الطبيعة والكون وغير ذلك فهذا السعي هو الوحيد المُقدَّس ، وهذا أيضاً هو دأب العلماء والمفكرين والأدباء والفنانين عبر مراحل التأريخ فالحياة باقيةٌ سؤالاً ولحد اليوم لم يكتشف الإنسان من أسرارها إلا القليل القليل وعليه فكون الحياة باقية سؤالاً هو ما يبعث في الروح القلق والسعي للإجابة على أسئلة الحياة والكون والموت والمصير ومن هنا جاءت العلوم والمخترعات وغزو الفضاء وهندسة الجينات والجينوم والإستنساخ البشري وغيره مما توصل له إنسان اليوم ومن هنا كذلك وبسبب القلق الإنساني وهو قلقٌ خلاّق جاءت الفنون والآداب وجميعها تطمح للإتيان بكل ما هو جديد وجميل ولكن روحياً أي بالتوازي مع العلماء والمفكرين والفلاسفة الذين يولون العقل والمنطق أهمية أولى ولذا فإذا طرح إنسان اليوم الدينَ عن حياته وتفكيره جانباً فهذا لا يعني بأن هذا الإنسان ملحد أو كافر وإنما هو يقول لك ببساطة هناك قوة في الحياة خلقتني وخلقت الأشياء والكون ولكني لا أعرفها وأسعى لمعرفتها لهذا فالحياة كفاح طويل ونبيل يقوم به العالم والمثقف من أجل تنوير حياة الإنسان وجعلها أكثر ثراءً وجمالاً واستمتاعاً فرفض الدين لا يعني على الإطلاق رفض خالق الكون ، وواضح تماماً أن السبب الأساسي في تخلفنا وتحوّلنا إلى مصدر للتندر والسخرية والرثاء في عرف الكثير من الشعوب هو أهمالنا لقيمة حياتنا على الأرض وتكريسها كلياً لحياة ما بعد الموت ، حياة فانتازية خيالية حسيّة فهي أكل وشرب وسكر وخَدَر وممارسات جنسية رسمتها عقلية بدوية جلفية نافجة يترفّع عنها الإنسان السويّ فكيف بخالقه ؟ أقول إن الفرق الحاسم بيننا وبين شعوب الغرب على سبيل المثال والسبب الرئيسي في تخلفنا وتقدمهم هي أن الغرب يعتبر الحياة على الأرض هي الغاية وإسعاد الإنسان في حياته هي من مراميه الأساسية بينما نحن نؤمن بفكرة : ( إنما الحياة الدنيا لهو ولعب ) وهذا هو ما ألغى قيمة الحياة في وعي الإنسان عندنا ومنعه من بلوغ ما بلغه الغرب من تطور وحريات وحقوق وقوانين فبتنا عالةً عليهم ، متطفلين عليهم نستورد منهم حتى الملبس والمشرب ومشتقات النفط !

يقول مفكر عربي كبير ومعاصر : ( إنزعْ عن العرب اليوم كل ما هو غربي ، فما الذي يتبقى منهم ؟ لا يتبقى سوى الجمل والصحراء ) ....

ثم إن عدم الإيمان بالدين لا يعني أبداً أن يلجأ الإنسان إلى السرقة والكذب والنفاق والقتل والإستهتار والعبث ، كلا فهناك الضمير أولاً والذوق ثانياً وإن لم يكونا رادعاً بما يكفي فهناك القوانين والدساتير الوضعية ...
كتبتُ هذا المقال على عجل للتذكير بأساسيات يتعامى الكثيرون عنها
 

برلين
حزيران ـ 2014

 








 

free web counter